للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧)} [الزمر: ١٧]: "ففي هذه الآيات من الحجج على وجوب اجتنابه وجوه كثيرة؛ والمراد من اجتنابه هو بغضه، وعداوته بالقلب، وسبه وتقبيحه باللسان، وإزالته باليد عند القدرة، ومفارقته، فمن ادعى اجتناب الطاغوت ولم يفعل ذلك فما صدق" (١).

ويقول الشيخ أبا بطين: "لان معنى الكفر بما يعبد من دونه: البراءة منه، واعتقاد بطلانه، وهذا معنى الكفر بالطاغوت" (٢).

* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

دلت أدلة كثيرة على اعتبار الكفر بالطاغوت من أركان الإيمان، وأصول التوحيد، وأنه شرط في أصل الإيمان لا يصح إيمان إنسان بدونه، ومن تلك الأدلة ما يلي:

أولًا: قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)} [البقرة: ٢٥٦].

دلالة الآية: أن من كفر بالطاغوت قولًا وعملًا واعتقادًا، وآمن بالله تعالى قولًا وعملًا واعتقادًا كان ممن استمسك بالعروة الوثقى؛ التي لا انقطاع لها، وهي كلمة التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.

فلا يصح الإيمان والتوحيد إذا لم يتقدمه كفر بالطاغوت، بل لا يتصور وجود إيمان صحيح، وتوحيد نافع بدون تحقيق هذا الركن؛ ولذا قرن الله تعالى بينهما فلا يفترقان أبدًا.

يقول الإمام ابن كثير في معنى الآية: "أي: من خلع الأنداد،


(١) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١٠/ ٥٠٣ - ٥٠٤).
(٢) مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ٥٠١).