الذين يحرفون الكلم على خلاف مراد واضعه، ويضعون على وفق أهويتهم لا على وفق مواضعه، بل يبتدعون الأقوال، ويخترعون شبه الضلال.
فإذا تقرر أنها من خالص حق رب العالمين، وأنها داخلة في جملة أنواع الدين، الذي قضاه وأمر به وأوجبه لنفسه دون البرية أجمعين: امتنع صرفها لغيره، فلا يجوز صرفها لرسول ولا نبيّ، ولا ملك مقرب ولا وليّ؛ لأن ذلك من الشرك الجلي، إلا أن الدليل القاطع خصَّ عموم النهي بالأموات لقيام المانع، ودلَّ على أن الاستغاثة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه وكذلك الاستشفاع، كل منهما جائز من غير منازعة ولا دفاع، وأنهما خارجان من عموم الامتناع" (١).
* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة
علمنا مما سبق دلالة القاعدة على أمرين:
الأول: استقلاله سبحانه وتفرده بملكيته للشفاعة دون غيره من الخلق.
الثاني: طلب الشفاعة من غير الله تعالى مباشرة، أو من غير من أَذن له تعالى يوقع في الشرك بالله العظيم.
وفيما يلي أذكر بعض ما وقفت عليه من أدلة تدل على كلا الأمرين الذين اشتملت عليهما القاعدة:
أولًا: أدلة عامة دلت على ملكية الله تعالى لجميع ما في الكون، بل هو مالك الدنيا والآخرة والشفاعة داخلة في هذا العموم، ومن تلك الآيات:
(١) انظر: العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين، للشيخ حسين بن غنام (١٦٩ - ١٧١)، بتصرف.