للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العالمين كما قال تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٦)} [الفتح: ٦]، فإنهم ظنوا به ظن السوء حتى أشركوا به، ولو أحسنوا به الظن لوحدوه حق توحيده؛ ولهذا أخبر سبحانه وتعالى عن المشركين أنهم ما قدروه حق قدره، وكيف يقدره حق قدره من اتخذ من دونه ندًّا أو شفيعًا يحبه، ويخافه، ويرجوه، ويذل له، ويخضع له، ويهرب من سخطه، ويؤثر مرضاته، ويدعوه، ويذبح له، وينذر، وهذه هي التسوية التي أثبتها المشركون بين الله وبين آلهتهم، وعرفوا وهم في النار أنها كانت باطلًا وضلالًا" (١).

والسبب في عدم قدرهم لله تعالى هو سوء ظنهم بربهم، وحسن ظنهم بغيره، وأنهم يشفعون عنده، ويقربون من عَبَدهم إلى الله، وأنهم ينفعون ويضرون.

* المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

بعض ما يستفاد من القاعدة:

أولًا: دلَّ مفهوم القاعدة على أن توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة دون ما سواه مبني على حسن الظن بالله تعالى، إذ التوحيد ضد الشرك الذي هو إساءة ظن بربوبية الله تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته.

فهو يحسن الظن بربه معتقدًا اتصافه سبحانه وتقدس بنعوت الربوبية، واختصاصه بصفات الإلهية لا شريك له في ذاته ولا معين له في أفعاله، ولا ظهير ولا شفيع، وليس له نديد في استحقاق العبادة، ولا مثيل له في سائر أسمائه وصفاته.


(١) تيسير العزيز الحميد (ص ٢٢٠).