للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الإمام ابن تيمية رحمه الله في استحباب استقبال القبلة حال الدعاء: "وهذا أصل مستمر، فإنَّه لا يستحب للداعي أن يستقبل إلا ما يستحب أن يصلي إليه؛ ألا ترى أن المسلم لما نهي عن الصلاة إلى جهة المشرق وغيرها، فإنَّه ينهى أن يتحرى استقبالها وقت الدعاء" (١).

* المسألة الخامسة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

يمكن الاستفادة من هذه القاعدة في نواحٍ عدة

أولًا: أن الاستقبال بقصد التقرب عبادة لله تعالى، وذلك لأمر الله تعالى به فيما سبق من الآيات، كما أن الاستقبال داخل في حد الصلاة وهيئتها.

يقول الإمام ابن تيمية: "ولأن الصلاة إلى الشيء استقبال له وتوجه إليه، وجعل له قبلة؛ فإن ما يستقبله المصلي قبلة له كما أن البيت قبلة له، يبين هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النخامة في القبلة، والاستقبال داخل في حدود الصلاة، ولهذا أمرنا أن نستقبل في صلاتنا أشرف البقاع وأحبها إلى الله وهو بيته العتيق" (٢).

وقال رحمه الله: "فإن اختصاص بعض الجهات والأمكنة بأنه يستقبل دون غيرها هو أمر شرعي، ولهذا افترقت أهل الملل كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: ١٤٨] " (٣).

ثانيًا: استقبال القبلة عبادة مشروعة، وعليه فلا يجوز استقبال غير القبلة في الصلاة، ومن صلى إلى غير جهة القبلة فقد عارض نصوص الكتاب والسُّنَّة وناقضها، وهو من أضل الناس، وأبعدهم عن الله تعالى.


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٣٦٥).
(٢) شرح العمدة (٤/ ٤٨١).
(٣) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤٦٠).