للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام ابن تيمية: "فمن اتخذ الصخرة اليوم قبلة يصلى إليها فهو كافر مرتد (١) يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، مع أنها كانت قبلة لكن نسخ ذلك، فكيف بمن يتخذها مكاناً يطاف به كما يطاف بالكعبة؟! والطواف بغير الكعبة لم يشرعه الله بحال، وكذلك من قصد أن يسوق إليها غنمًا أو بقرًا ليذبحها هناك، ويعتقد أن الأضحية فيها أفضل، وأن يحلق فيها شعره في العيد، أو أن يسافر إليها ليعرف بها عشية عرفة.

فهذه الأمور التي يشبه بها بيت المقدس في الوقوف والطواف والذبح والحلق من البدع والضلالات، ومن فعل شيئًا من ذلك معتقدًا أن هذا قربة إلى الله فإنَّه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، كما لو صلى إلى الصخرة معتقدًا أن استقبالها في الصلاة قربة كاستقبال الكعبة؛ ولهذا بنى عمر بن الخطاب مصلى المسلمين في مقدم المسجد الأقصى" (٢).

ويقول -رحمه الله-: "فمن قصد أن يصلي إلى غير تلك الجهة لم يكن على دين الإسلام؛ لأنَّه يريد أن يعبد الله بما لم يأمره، وهكذا كل بدعة تخالف أمر الرسول؛ إما أن تكون من الدين المبدل الذي ما شرعه الله قط، أو من المنسوخ الذي نسخه الله بعد شرعه كالتوجه إلى بيت المقدس" (٣).

ثالثًا: الاستقبال المقصود في القاعدة هو الاستقبالى بقصد القربة وحصول الثواب من الله تعالى، وإفراد العبودية له عزَّ وجلَّ، أما الاستقبال والتوجه بدون نية التعبد والتقرب لشيء وإنما كان لغرض آخر فلا يدخل ضمن القاعدة.


(١) التوجه إلى القبلة حال الصلاة مما قطعت به النصوص، وأجمعت عليه الأمة، وعرفه الصغير والكبير، والعالم والجاهل، فصار من المعلوم من الدين بالضرورة، فالمخالف لذلك يكفر لتكذيبه بالنصوص.
(٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ١١).
(٣) النبوات (ص ٩٤).