للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعًا: إطلاق لفظ القبلة خاص بالكعبة عرفًا وشرعًا، وعليه فليس للمسلمين إلا قبلة واحدة يستقبلونها في صلاتهم بنية القربة وحصول الثواب.

يقول الإمام ابن تيمية: "فليس للمسلمين بل ولا لغيرهم قبلتان أصلاً في العبادات التي هي من جنسين؛ كالصلاة والنسك فضلاً عن العبادات التي هي من جنس واحد وبعضها متصل ببعض" (١).

وقال -رحمه الله- أيضًا: "وأنه ليس لنا إلا قبلة واحدة، وأن محمدًا لا نبي بعده" (٢).

ويقول الإمام ابن القيم: "بل ومن خصائصها كونها قبلة لأهل الأرض كلهم، فليس على وجه الأرض قبلة غيرها" (٣).

يقول ابن الحاج: "وليحذر مما يفعله بعضهم من أنهم يتعمدون الصلاة خلف الصخرة، حتى يجمعوا في صلاتهم بنياتهم بين استقبال القبلتين الكعبة والصمخرة، واستقبال الصخرة منسوخ باستقبال الكعبة، فمن نوى ذلك فهو بدعة، بل ينوي استقبال الكعبة فقط دون أن يخلط معها ما ذكر" (٤).

فتعظيمها واستقبالها بهذه النية بدعة؛ لأنها منسوخة بالكعبة، وعليه فلا تتعلق بها عبادة من العبادات من حيث التوجه أبدًا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ويقول الإمام ابن تيمية: "وأما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فلم يكونوا يعظمون الصخرة؛ فإنَّها قبلة منسوخة، كما أن يوم السبت كان عيدًا في شريعة موسى عليه السلام، ثم نسخ في شريعة محمد بيوم الجمعة، فليس للمسلمين أن يخصوا يوم السبت ويوم الأحد بعبادة،


(١) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤٥٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٢١/ ٥٤٣).
(٣) زاد المعاد (١/ ٤٩).
(٤) المدخل (٤/ ٢٤٣).