للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف توحيد الربوبية فإنَّه توحيد اللَّه في أفعاله من الخلق والرزق والإحياء والإماتة، فتوحيد الألوهية هو فعل العبد وعمله وكسبه (١).

ولذلك فسَّره الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بقوله: "وتوحيد الإلهية: فِعْلُكَ أيها العبد؛ مثل الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والإنابة، والرغبة، والرهبة، والنذر، والاستغاثة، وغير ذلك من أنواع العبادة" (٢).

فيظهر مما سبق أن توحيد العبادة هو كل ما يتعلق بأعمال العباد وأقوالهم الظاهرة والباطنة، التي يحبها اللَّه ويرضاها، مع الاعتراف الجازم باستحقاق اللَّه للعبادة وحده، وبطلان عبادة ما سواه، مع ملازمة الخضوع والخوف والمحبة.

* المطلب الثاني * أهميته ومنزلته من الدين

مما لا شكَّ فيه أن توحيد العبادة ذو منزلة عظيمة، ومكانة عليّة، بين أنواع التوحيد الأخرى، بل هو أعظمها وأجلها، والناس فيه ما بين شقي وسعيد، منهم ما هو من أصحاب اليمين وآخر خاسر من أصحاب الشمال، وفيما يأتي أتناول بعض ما يدل على هذه المنزلة السامية، والمكانة الكبيرة في دين الإسلام:

أولًا: أن هذا التوحيد المتضمن لإخلاص التاله للّه تعالى هو الغاية التي خلق اللَّه من أجلها الخلق، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦] فلم يخلقهم سبحانه من أجل أن يعرفوه فقط أو يعرفوا ربوبيته وأسماءه وصفاته بدون عبادته والخضوع والذلة


(١) انظر: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (٣/ ٣٠٠).
(٢) مجموعة رسائل في التوحيد والإيمان، للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص ٣٧١).