فإن توحيد الألوهية ها هنا يكون ملزومًا لتوحيد الربوبية، وتوحيد الربوبية هو اللازم له، فإذا ثبت الملزوم ثبت لازمه، وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم، ولا يلزم من انتفاء الملزوم وهو توحيد العبادة انتفاء لازمه من توحيد الربوبية، وهذا كما علمنا في حال ما إذا كان توحيد الربوبية غير تام، وإلا فلا يحصل خلل في توحيد العبادة ويكون توحيد الربوبية تامًا.
ولذا يقول أبو البقاء في بيان التلازم من طرف واحد:"اتصال اللازم بالملزوم أشد عن عكسه؛ لأن الملزوم لما لم يوجد بدون اللازم كان اللازم متصلًا به لا محالة، واللازم لما وجد بدون الملزوم تصور انفكاك الملزوم عنه، كالحيوانية اللازمة للإنسان فإنها لا تنفك عنه، وتنفك الإنسانية التي هي ملزوم الحيوانية في الفرس ونحوه"(١).
* المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها
دلَّت قاعدة التلازم بين أنواع التوحيد وأضدادها على فوائد عديدة منها:
أولًا: من المعلوم أن أعظم أركان الإيمان بالله تعالى هو توحيده، وهو متضمن للقول والعمل كما هو اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة، وعليه فلا يصح إيمان أحد إلا باجتماع القول والعمل والاعتقاد، ولا يمكن تصور هذا الاجتماع إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة، فهي متلازمة هي وأضدادها كذلك فإذا اختل واحد منها سرى الخلل في الجميع ولا بد.
فلا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية، كما لا ينفع توحيد الألوهية بدون توحيد الربوبية، فإن من عبد الله وحده ولم يشرك به شيئًا