للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويؤكد الإمام ابن تيمية حقيقة التلازم والارتباط بين توحيد الربوبية وتوحيد العبادة، وأنه إذا دخل الخلل والانحراف في الأول فمن باب أولى أن يحصل في الثاني، فيقول -رحمه الله-: "وذلك أن كثيرًا من كلامهم أخذوه من كلام المعتزلة، والمعتزلة مقصرون في هذا الباب فإنهم لم يفوا توحيد الربوبية حقه فكيف بتوحيد الإلهية" (١).

ويبيّن الإمام سليمان بن عبد الله آل الشيخ التلازم بين الشرك في العبادة والإلحاد في أسمائه -سبحانه وتعالى-، فيقول -رحمه الله-: "قوله: {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: ١٨٠]: يشركون؛ أي: يشركون غيره في أسمائه؛ كتسميتهم الصنم إلهًا، ويحتمل أن المراد الشرك في العبادة؛ لأن أسماءه تعالى تدل على التوحيد، فالإشراك بغيره إلحاد في معاني أسمائه -سبحانه وتعالى-، لا سيما مع الإقرار بها كما كانوا يقرون بالله ويعبدون غيره، فهذا الاسم وحده أعظم الأدلة على التوحيد، فمن عبد غيره فقد ألحد في هذا الاسم وعلى هذا بقية الأسماء" (٢).

ويقول الشيخ العثيمين مبينًا التلازم من طرف واحد بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية فيقول: "فقوله: (الملك) من توحيد الربوبية، والألوهية من توحيد الربوبية أيضًا؛ لأن إثبات الألوهية، متضمن لإثبات الربوبية، وإثبات الربوبية مستلزم لإثبات الألوهية، ولهذا لا تجد أحدًا يوحد الله في ألوهيته إلا وقد وحَّده في ربوبيته، لكن من الناس من يوحد الله في ربوبيته، ولا يوحده في ألوهيته وحينئذٍ نلزمه، ونقول: إذا وحدت الله في الربوبية، لزمك أن توحده في الألوهية، ولهذا فإن عبارة العلماء محكمة حيث قالوا: (توحيد الربوبية مسلتزم لتوحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية) " (٣).


(١) منهاج السُّنَّة النبوية (٣/ ٢٩٥).
(٢) تيسير العزيز الحميد (ص ٥٤٨).
(٣) الشرح الممتع لابن عثيمين (٧/ ١٢٤).