للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفصيل السابق- إذ هو مما فطر عليه البشر، بل قد وقع من أفضل الخلق من أنبياء الله ورسله، بل الخوف من الأعداء سُنّة الله في أنبيائه وأوليائه، مع معرفتهم لعظمته وملكه وجبروته، وثقتهم الكاملة بعزته ونصرته (١).

وقال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وقوله: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: ٢١]: فيه أن ذلك الخوف والترقب لا يُذّمّ" (٢).

* المسألة الثانية * معنى القاعدة

لا يخفى أن الخوف الذي هو عبادة لله تعالى من أفضل مقامات الدين وأَجَلِّهَا؛ فلذا يجب إخلاصه لله تعالى، وقد ذكره الله تعالى في كتابه عن سادات المقربين من الملائكة والأولياء والصالحين، قال الله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: ٥٠]، وقال الله تعالى: {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨)} [الأنبياء: ٢٨]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧)} [المؤمنون: ٥٧]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٣٩)} [الأحزاب: ٣٩]، وأمر بإخلاصه له فقال تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠)} [البقرة: ٤٠]، وقال تعالى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: ٤٤] ... (٣).

ومع هذه المكانة العظيمة، والمنزلة الجليلة فإن من المقرر عند أهل العلم أن الخوف ليس مقصودًا لذاته، بل هو مقصود لغيره قصد الوسائل؛ ولهذا يزول بزوال المخوف، فإن أهل الجنة لا خوف عليهم


(١) انظر: تفسير القرطبي (١١/ ٢٠٢).
(٢) تفسير آيات من القرآن الكريم (ص ٢٨٧).
(٣) انظر: تيسير العزيز الحميد (ص ٤٠٦).