للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: فدعوهم يتصرفون في أمصاركم ويدخلون البيت الحرام" (١).

٤ - ثم لو كان اعترافهم هذا نافعًا لهم عند الله تعالى لما حجَّهم الله تبارك وتعالى به، وألزمهم بتوحيد الألوهية بسبب إقرارهم هذا، ولكنهم لما لم يأتوا بتوحيد العبادة صار إقرارهم هذا حجة عليهم (٢).

* المسألة الثالثة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

نبَّه على هذه القاعدة، وقرر معناها جملة من أهل العلم، وفيما يأتي أنقل ما وقفت عليه من ذلك:

يقول الإمام ابن القيم: "وأما توحيد الربوبية الذي أقرَّ به المسلم والكافر، وقرره أهل الكلام في كتبهم فلا يكفي وحده بل هو الحجة عليهم كما بيَّن ذلك سبحانه في كتابه الكريم في عدة مواضع، ولهذا كان حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا" (٣).

ويقول رَحِمَهُ اللهُ: "وكان توحيد الإلهية الذي كلمته (لا إله إلا الله) رأس الأمر، فأما توحيد الربوبية الذي أقر به كل المخلوقات فلا يكفي وحده وإن كان لا بد منه، وهو حجة على من أنكر توحيد الألوهية، فحق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحقهم عليه إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم، وأن يكرمهم إذا قدموا عليه، وهذا كما أنه غاية محبوب العبد ومطلوبه، وبه سروره ولذته ونعيمه، فهو أيضًا محبوب الرب من عبده، ومطلوبه الذي يرضى به، ويفرح بتوبة عبده -إذا رجع إليه وإلى عبوديته وطاعته- أعظم من فرح من وجد راحلته التي عليها


(١) تفسير الطبري (١٠/ ٧٨)، (١٠/ ٨٦).
(٢) انظر: التمهيد في مبحث أدلة توحيد العبادة (ص ٦١).
(٣) إغاثة اللهفان (١/ ٣٠)، وانظر: قواعد ومسائل في توحيد الإلهية للريس (ص ٣٤).