للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقاعدة نصت على أن العبادة -التي أمر الله بها- لا تسمى عبادةً إلا مع توحيده تعالى، فلا تصح عبادة مع الشرك، ولا يوصف أحد بأنه عَبَدَ الله تعالى إلا من حقق التوحيد، وأفرد الله تعالى بالعبادة، فمن عَبَده وأشرك معه غَيْرَه فليس عبدًا لله (١).

وبذلك يتضح لنا تفسير -من فسر من السلف- العبادة بالتوحيد، إذ هو أعظم المقصود، وأجلُّ الغايات، كما أنه ركن في جميع العبادات لا تنفك عبادة شرعية عنه بحال من الأحوال مهما كان.

فالتجرد من الشرك لا بد منه في العبادة، وإلا فلا يكون العبد آتيًا بعبادة الله، بل مشرك، حتى يفرد الله بالعبادة ويتجرد من الشرك، ويعبده سبحانه وحده دون من سواه (٢).

ولا يعني ذلك أن من عَبَدَ مع الله غيره وأشرك في عبادته ليس فاعلًا للعبادة اللغوية، بل هي واقعة منه لغة؛ لأنَّها في اللغة من الذل والتطامن والخضوع، والمقصود من القاعدة العبادة الشرعية؛ أي: أن فعله لا يسمى عبادة شرعًا.

* المسألة الثانية* أدلة القاعدة

من أدلة القاعدة ما يأتي:

١ - من المعلوم أن النصوص الشرعية قد دلت على أنه لا اعتبار للأعمال والعبادات في ميزان الشرع بدون توحيده سبحانه وتعالى، وأن من عبد الله وكان متلبسًا بالشرك فإن عبادته هباء منثور، ذاهبة أدراج الرياح، وهدر لا خير فيها، وما دام الأمر كذلك فهي خارجة عن كونها عبادة لله تعالى لفقدها لأعظم أركانها، وأكبر شروطها ألا وهو توحيد الله تعالى وإفراده


(١) انظر: تفسير النسفي (٤/ ٩١).
(٢) انظر: تيسير العزيز الحميد (ص ٥١).