للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحانه بها، فهي صورة بلا مضمون، ومظهر لا حقيقة له.

يقول الله تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨)} [الأنعام: ٨٨]، وقوله: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧)} [التوبة: ١٧]، وقال عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥)} [الزمر: ٦٥].

قال أهل العلم في معنى ذلك: أي: بطلت أعمالهم الصالحة في الدنيا والآخرة فلا اعتداد بها ولا ثواب عليها (١).

يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله في بيان استحالة عمارة المشركين للمساجد: "فبيَّن الله تعالى أن المشركين ما كان لهم عمارة مساجد الله مع شهادتهم على أنفسهم بالكفر، وبيَّن إنما يعمرها من آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، ولم يخش إلا الله، وهذه صفة أهل التوحيد وإخلاص الدين لله، الذين لا يخشون إلا الله، ولا يرجون سواه، ولا يستعينون إلا به، ولا يدعون إلا إياه" (٢).

أما أهل الشرك والتنديد فلا إخلاص لهم ولا توحيد، فلا يعتبرون من عمارها أبدًا وإن أقاموا فيها الليل والنهار.

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ رحمه الله: "لا تصح الأعمال إلا به -يقصد التوحيد-، فهو أصلها الذي تبنى عليه، ومتى لم يوجد لم ينفع العمل، بل هو حابط؛ إذ لا تصح العبادة مع الشرك" (٣).

وإذا لم تكن العبادة صحيحة -لفقدها لأعظم أركانها- خرجت عن حقيقتها الشرعية، فلا تسمى عبادة شرعًا.


(١) تفسير الجلالين (ص ٤٦).
(٢) مجموع الفتاوى (١٧/ ٤٩٩).
(٣) تيسير العزيز الحميد (ص ٩٦).