للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول ابن الوزير (١): "والجمع بين الخوف والرجاء سُنّة الله وسُنّة رسله عليه السلام وسُنّة دين الإسلام، والأولى للإنسان تغليب الخوف في حق نفسه إلا عند اقتراب الأجل الاقتراب الخاص: أعني عند ظهور أمارات الموت في المرض الشديد" (٢).

* المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

من أدلة القاعدة ما يلي:

أولًا: من المعلوم أنه ما من حركة في العالم العلوي أو السفلي إلا وأصلها المحبة والإرادة، ولا شك أن العبادة مما يدخل في تلك الحركات سواء كانت عبادة حقة، أم باطلة فإن أصلها الذي تقوم عليه هو المحبة والإرادة، لكن الإرادة هي الأصل الذي تنبني عليه المحبة، وعليهما تنبني سائر الحركات من عبادة وغيرها.

يبيّن الإمام ابن تيمية هذا بقوله: "وهذا القدر الذي ذكرناه من أن المحبة والإرادة أصل كل حركة في العالم، فقد بينا في القواعد وغيرها أن هذا يندرج فيه كل حركة وعمل، فإن ما في الأجسام من حركه طبعية فإنما أصلها السكون، فإنَّه إذا خرجت عن مستقرها كانت بطبعها تطلب مستقرها، وما فيها من حركة قسرية فأصلها من القاسر القاهر، فلم تبق حركة اختيارية إلا عن الإرادة.


(١) هو: محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى اليماني، الإمام المجتهد ويعرف بابن الوزير، ولد في سنة ٧٧٥ هـ، وكان مشتغلًا بالحديث شديد التمسك بالسُّنَّة، وذابًا عنها، ومحاربًا لأهل البدع، وكان عابدًا زاهدًا، من مصنفاته: العواصم من القواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، وترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان، وإيثار الحق على الخلق، توفي سنة ٨٤٠ هـ. [ترجمته في: البدر الطالع (ص ٨١) وما بعدها].
(٢) إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات (ص ٣٥٤).