للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمستحبات، بل يستحب أن تكون جميع حركات العبد وسكناته بنية صالحة" (١).

* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

دلَّ على صحة هذه القاعدة العظيمة أدلة عديدة أذكر بعضها فيما يلي:

أولًا: ما ورد من الأدلة الآمرة بعبادة الله تعالى على وجه الإخلاص، وعدم الالتفات إلى غيره سبحانه وتعالى، وأن العمل الصالح المقبول عند الله تعالى هو ما كان بنية خالصة من جميع الشوائب، ومن ذلك:

قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١]، وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} [البينة: ٥].

دلَّت الآيات على أن العبادة الخالية من إخلاص النية للمعبود وحده هي عبادة لم يأمر الله بها عباده، فالله إنما أمر عباده بالعبادة المتضمنة للإخلاص والنية الصالحة، فما خلا من ذلك فليس بعبادة، إذ العبادة المأمور بها لا بد أن تتضمن النية الخالصة، وعليه فلا يكون العمل معتبرًا، ولا مقبولًا عند الله تبارك وتعالى، في حال خلوه عن النية، إذ هو خارج عن حكم العبادة، فظهر توقف العمل على النية.

يقول الإمام ابن القيم في معنى الآية: "فإذا لم يأمرهم إلا بعمل هو عبادة قد أخلص عاملها النية فيها لربه عَزَّ وجل، ومعلوم أن النية جزء من العبادة، بل هي روح العبادة كما تبين، علم أن العمل الذي لم ينو ليس


(١) شرح العمدة (٤/ ٥٩١).