للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعبادة، ولا مأمور به، فلا يكون فاعله متقربًا إلى الله تعالى، وهذا مما لا يقبل نزاعًا" (١).

ومن ذلك قوله عَزَّ وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢)} [الزمر: ٢]، وقوله سبحانه: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١)} [الزمر: ١١]، وقوله: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)} [غافر: ١٤].

يقول الإمام القرطبي في آية الزمر: "وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات؛ فإن الإخلاص من عمل القلب، وهو الذي يراد به وجه الله تعالى لا غيره" (٢).

وقال الشوكاني: "وفي الآية دليل على وجوب النية، وإخلاصها عن الشوائب؛ لأن الإخلاص من الأمور القلبية، التي لا تكون إلا بأعمال القلب، وقد جاءت السُّنَّة الصحيحة: أن ملاك الأمر في الأقوال، والأفعال النية" (٣).

ثانيًا: ما ورد من الأدلة الدالة على أن العمل المعتبر المقبول هو ما كان لوجهه سبحانه، وابتغاء مرضاته والدار الآخرة، وأن من أراد بعمله غير ذلك من متاع الدنيا فلا اعتبار بعمله ولا ثواب فيه.

كما قال عَزَّ وجل: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} [الكهف: ٢٨]، والمراد بتلك الإرادة هي النية (٤).

ومن ذلك قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ


(١) بدائع الفوائد (٣/ ٧٠٧).
(٢) تفسير القرطبي (٢٠/ ١٤٤)، وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ٧٦).
(٣) فتح القدير (٤/ ٤٤٨).
(٤) إحياء علوم الدين (٤/ ٣٦٢).