للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)} [هود: ١٥، ١٦].

قال مجاهد في معنى الآية: "من عمل عملًا مما أمر الله به من صلاة، أو صدقة، لا يريد بها وجه الله أعطاه الله في الدنيا ثواب ذلك مثل ما أنفق" (١).

وقال الإمام ابن العربي (٢) في الآيات: "بيان لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات"؛ وذلك لأن العبد لا يعطى إلا على وجه قصده، وبحكم ما ينعقد ضميره عليه، وهذا أمر متفق عليه في الأمم من أهل كل ملة" (٣).

وقال القرطبي: "وتدلُّك هذه الآية على أن من صام في رمضان لا عن رمضان، لا يقع عن رمضان، وتدل على أن من توضأ للتبرد، والتنظف، لا يقع قربة عن جهة الصلاة، وهكذا كل ما كان في معناه" (٤).

ويقول الشيخ السعدي في تفسيرها: "أي: كل إرادته مقصورة على الحياة الدنيا، وعلى زينتها؛ من النساء، والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة، والأنعام، والحرث، قد صرف رغبته، وسعيه، وعمله في هذه الأشياء، ولم يجعل لدار القرار من إرادته شيئًا، فهذا لا يكون إلا كافرًا؛ لأنه لو كان مؤمنًا لكان ما معه من


(١) تفسير الطبري (١٢/ ١١).
(٢) هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف بابن العربي الأندلسي المكنى بـ (أبي بكر) مالكي، فقيه أصولي مفسر أحد أئمة المالكية، ولد سنة ٤٦٨ هـ. له مصنفات كثيرة منها: المحصول في الأصول، وأحكام القرآن، والناسخ والمنسوخ، توفي سنة ٥٤٣ هـ. [انظر ترجمته في: الديباج المذهب (ص ٢٨١)، وشجرة النور الزكية (ص ١٣٦)].
(٣) أحكام القرآن (٣/ ١٤).
(٤) تفسير القرطبي (٩/ ١٤).