للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويدعو خوفًا ورجاءً دعاء العبادة" (١).

* المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

وفيما يأتي أذكر جملًا مما وقفت عليه من أقوالهم في تقرير معنى القاعدة:

يقول الإمام ابن تيمية: "لفظ الدعاء والدعوة في القرآن يتناول معنيين: دعاء العبادة، ودعاء المسألة ... ولفظ الصلاة في اللغة أصله الدعاء، وسميت الصلاة دعاء لتضمنها معنى الدعاء وهو العبادة والمسألة" (٢).

وقال أيضًا: "فإن الدعاء في القرآن يراد به هذا تارة وهذا تارة، ويراد به مجموعهما، وهما متلازمان" (٣).

ويقول رحمه الله: "إذا عرف هذا فقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥]، يتناول نوعي الدعاء، لكنه ظاهر في دعاء المسألة، متضمن دعاء العبادة؛ ولهذا أمر بإخفائه وإسراره" (٤).

ويقول أيضًا بعد أن ذكر جملة من النصوص التي فيها الأمر بدعاء الله وحده والنهي عن دعاء غيره: "فإن الدعاء في هذه المواضع يراد به نفس اتخاذ المدعو ربًا وإلهًا بحيث يسأل ويعبد، وقد فصل معنى الدعاء بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥]، وقوله تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: ١٢٣]، وفي قوله: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)} [هود: ٨٨]، ونحو ذلك من الآي؛ فهو يعبد من حيث هو إله، ويسأل من حيث هو رب، وإن كان كل عابد سائلًا وطالبًا، وكل سائل


(١) مجموع الفتاوى (١٥/ ١٠ - ١١).
(٢) المصدر نفسه (١٠/ ٢٣٧ - ٢٣٨).
(٣) المصدر نفسه (١٥/ ١٠).
(٤) المصدر نفسه (١٥/ ١٥).