الشرط، فإنها تعمُّ، و (تدعُ) نكرة؛ لأنه فعل مشتمل على مصدر، والمصدر حدثٌ نكرة، فهو يعمّ نوعي الدعاء" (١).
خامسًا: ومما يدل على صحة توجه الأمر أو الثناء أو النهي عن دعاء غير الله، واشتمال ذلك على نوعي الدعاء أن دعاء المسألة لا يصح توجهه -وحتى دعاء العبادة- إلا لمن يملك النفع والضر، والعطاء والمنع، الغني الكريم، العالم بأحوال الخلق جميعهم فلا تخفى عليه خافية، وليس ذلك إلا الرب الخالق تبارك وتعالى، فإذا جاء النهي عن دعاء غيره تعالى، أو الأمر بإفراده وإخلاصه والثناء على أهله تضمن كلا النوعين.
يقول الإمام ابن تيمية في قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)} [الأعراف: ٥٥، ٥٦]: "هاتان الآيتان مشتملتان على آداب نوعي الدعاء، دعاء العبادة ودعاء المسألة، فإن الدعاء في القرآن يراد به هذا تارة وهذا تارة، ويراد به مجموعهما، وهما متلازمان، فإن دعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي، وطلب كشف ما يضره ودفعه، وكل من يملك الضر والنفع، فإنَّه هو المعبود لا بد أن يكون مالكًا للنفع والضر، ولهذا أنكر تعالى على من عبد من دونه ما لا يملك ضرًّا ولا نفعًا، وذلك كثير في القرآن كقوله تعالى:{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ}[يونس: ١٠٦]، وقال:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ}[يونس: ١٨]، فنفى سبحانه عن هؤلاء المعبودين الضر والنفع القاصر والمتعدي، فلا يملكون لأنفسهم ولا لعابديهم، وهذا كثير في القرآن يبين تعالى أن المعبود لا بد أن يكون مالكًا للنفع والضر، فهو يدعو للنفع والضر دعاء المسألة،