للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنيين؛ دعاء العبادة ودعاء المسألة، وكل عابد سائل، وكل سائل عابد، فأحد الاسمين يتناول الآخر عند تجرده عنه، وإذا جمع بينهما فإنه يراد بالسائل الذي يطلب جلب المنفعة ودفع المضرة بصيغ السؤال والطلب، ويراد بالعابد من يطلب ذلك بامتثال الأمر وإن لم يكن هناك صيغة سؤال ولا طلب، ولا يتصور أن يخلو داع لله دعاء عبادة أو دعاء مسألة من الرغب والرهب، والخوف والطمع" (١).

ويقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: "لا انفكاك في الحقيقة بين دعاء المسألة ودعاء العبادة، فهذا هو ذاك، إما بالتضمن أو باللزوم، ومعلوم أن دلالات التضمن واللزوم دلالات لغوية واضحة جاءت في القرآن، وجاءت في السُّنَّة" (٢).

رابعًا: سبق البيان بالأدلة أن الدعاء في الشرع على نوعين؛ دعاء عبادة ودعاء مسألة، وجاء في النصوص الشرعية الأمر أو النهي عن الدعاء بإطلاق، بدون تقييد له بنوع معين فالقاعدة أنه يحمل على المعنيين لدلالة النصوص على العموم، ومن تلك الأدلة:

قوله تعالى ناهيًا عن دعاء غيره: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦)} [يونس: ١٠٦]، فقوله: {وَلَا تَدْعُ} عام يتناول دعاء العبادة ودعاء المسألة، ولا دليل على التخصيص أو التقييد.

يقول الشيخ صالح آل الشيخ: "فقوله: {وَلَا تَدْعُ}: هذا نهي، والنهي هنا قد توجه إلى الفعل (تدع) وإذا كان كذلك فإنه يعمُّ أنواع الدعاء، وسبق القول بأن الدعاء منه: دعاء مسألة ومنه دعاء عبادة، والقاعدة: أن النكرة في سياق النهي، أو في سياق النفي، أو في سياق


(١) مختصر الفتاوى المصرية (ص ١٢٨).
(٢) التمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص ١٨١).