للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أظهر؛ ولهذا أعقبه: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} الآية، ويفسر الدعاء في الآية بهذا وهذا" (١).

ويقول الشيخ السعدي في معنى الآية: "هذا من لطفه بعباده ونعمته العظيمة، حيث دعاهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأمرهم بدعائه دعاء العبادة ودعاء المسألة، ووعدهم أن يستجيب لهم، وتوعد من استكبر عنها" (٢).

ويقول الشيخ الأمين الشنقيطي: "قال بعض العلماء: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}: اعبدوني أثبكم من عبادتكم، ويدل لهذا قوله بعده: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠) وقال بعض العلماء: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}؛ أي: اسألوني أعطكم، ولا منافاة بين القولين لأن دعاء الله من أنواع عبادته" (٣).

ثالثًا: ومما يدل على صحة القاعدة مسألة التلازم الحاصل بين دعاء العبادة ودعاء المسألة؛ إذ كل دعاء عبادة يستلزم دعاء المسألة ويتضمنه من جهة، وكل دعاء مسألة يتضمن دعاء العبادة، فلا يمكن تصور صدور دعاء العبادة من العبد بدون نية الطلب ولو بدون صيغة السؤال القولية، إذ كل عابد إنما يريد ويطلب بعبادته رضا الله وجنته، والبعد عن سخطه وناره، كما أن دعاء المسألة داخل في دعاء العبادة (٤)، إذ هو فرد من أفراده، فثبت بذلك عدم انفكاك أحد النوعين عن الآخر، وعليه يكون الأمر بأحدهما أمرًا بالآخر، والنهي عن أحدهما نهي عن الآخر.

يقول الإمام ابن تيمية: "اعلم أن لفظ الدعاء والدعوة يتناول


(١) مجموع الفتاوى (١٥/ ١٢).
(٢) تفسير السعدي (٧٤٠).
(٣) أضواء البيان (٦/ ٣٩٣)، وانظر: مواهب الجليل (١/ ٣٧٨).
(٤) انظر: أضواء البيان للشنقيطي (٦/ ٨٤).