للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ ابن عثيمين: "فمن دعا غير الله عز وجل بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك كافر سواء كان المدعو حيًّا أو ميتًا، ومن دعا حيًا بما يقدر عليه مثل أن يقول: يا فلان أطعمني، يا فلان أسقني فلا شيء فيه، ومن دعا ميتًا أو غائبًا بمثل هذا فإنه مشرك؛ لأن الميت أو الغائب لا يمكن أن يقوم بمثل هذا فدعاؤه إياه يدل على أنه يعتقد أن له تصرفًا في الكون فيكون بذلك مشركًا" (١).

ثانيًا: أن السؤال والطلب في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله عبادة عظيمة، يحبها سبحانه وتعالى، ولذا أمر بها عباده، بل هي من خصائص ألوهيته سبحانه، ولا شك أن صرف هذا الحق، وتلك العبادة لغيره سبحانه لون من ألوان الإشراك بالله العظيم.

"يدل على ذلك ما جاء في حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدعاء هو العبادة" وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ... " (٢).

" وكما سبق تقريره فإن أحد نوعي الدعاء هو السؤال والطلب، فثبت بذلك أن السؤال والطلب عبادة لله تعالى؛ وإنما كان عبادة لما فيه من إظهار الافتقار والخضوع والضراعة إلى الله تعالى (٣).

يقول الإمام ابن رجب: "فإن السؤال هو دعاؤه والرغبة إليه، والدعاء هو العبادة" (٤).


(١) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (٦/ ٥١ - ٥٢).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٤/ ٢٦٧)، برقم (١٨٣٧٨)، وأبو داود في سننه، باب: الدعاء (٢/ ٧٦)، برقم (١٤٧٩)، والترمذي في سننه (٥/ ٢١١)، برقم (٢٩٦٩)، وقال عقبه: "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح". وانظر أيضًا: (٥/ ٣٧٤)، و (٥/ ٤٥٦)، وقال الحافظ ابن حجر: "أخرجه أصحاب السُّنن بسند جيد". [فتح الباري (١/ ٤٩)].
(٣) انظر: التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي (٤/ ٨).
(٤) جامع العلوم والحكم (ص ١٩١)، وانظر: روح المعاني (٨/ ١٣٩).