للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لا يسأل الله يغضب عليه" (١).

وهذا الحديث يدل على محبة الله تعالى لسؤال عبده له ورضاه عن ذلك؛ إذ معنى الحديث أن من يسأل الله تعالى ويدعوه يرضى عنه ولا يغضب عليه.

يقول الإمام ابن تيمية: "وهو سبحانه لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، بل يحب من يدعوه ويتضرع إليه، ويبغض من لا يدعوه" (٢).

ولذا قال الناظم:

الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبني آدم حين يسأل يغضب

ويقول الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ مبينًا معنى الحديث: "مفهومه أن من سأله رضي عليه، وهل هذا الرضا وهذا الغضب إلَّا لحصول عبادة يحبها ويرضاها، أو لفقدها الموجب لغضبه وسخطه، فإذا صرف ذلك لغير الله في الأمور العامة الكلية التي مصدرها عن قدرة كاملة ليست في قوى البشر، وليست من جنس الأسباب العادية، فهذا عين الشرك" (٣).


(١) أخرجه أبو يعلى في مسنده (١٢/ ١٠)، برقم (٦٦٥٥)، وأخرجه الترمذي (٥/ ٤٥٦)، (٣٣٧٣)، وابن ماجة (٢/ ١٢٥٨)، رقم (٣٨٢٧)، وأحمد (٢/ ٤٤٢، ٤٤٣)، والبخاري في الأدب المفرد (٦٥٨)، والطبراني في الدعاء (٢/ ٧٩٦)، رقم (٢٣)، وفي الأوسط (٣/ ٢١٦)، رقم (٢٤٥٢)، كلهم من طريق أبي المليح صبيح عن أبي صالح الخوزي عن أبي هريرة به، وبعضهم ذكر لفظ الحديث: "من لم يدع الله يغضب عليه"، والحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه. قال الحافظ في الفتح: (١١/ ٩٥): "وهذا الخوزي مختلف فيه ضعفه ابن معين وقواه أبو زرعة"، وقال ابن كثير عقب ذكره لرواية الإمام أحمد: (٤/ ٨٦): "وهذا إسناد لا بأس به". وقد حسن الحديث الألباني. [انظر: صحيح الأدب المفرد (ص ٢٤٦)، برقم: (٢٥٢/ ٥١٢/ ٦٧٥)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (٦/ ٣٢٣)، برقم (٢٦٥٤)].
(٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٣٧٠).
(٣) مصباح الظلام، للشيخ عبد اللطيف (ص ٣١٣).