للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضًا: "وسيأتيك أن الدعاء والنداء بما لا يقدر عليه إلا الله داخل في مسمى العبادة فتنبه" (١).

ولذا جاء الأمر الشرعي بسؤال الله ودعائه وحده دون ما سواه، فقال سبحانه: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٣٢].

وقال -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله) (٢).

يقول الصنعاني: "وقوله: (فاسأل الله) أمر بإفراد الله عز وجل بالسؤال، وإنزال الحاجات به وحده، ... وإفراد الله بطلب الحاجات دون خلقه يدل له العقل والسمع؛ فإن السؤال بذل لماء الوجه، وذل لا يصلح إلا لله تعالى؛ لأنه القادر على كل شيء، الغني مطلقًا، والعباد بخلاف هذا" (٣).

ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ بعد أن ذكر جملة من الأدلة على أن السؤال والطلب عبادة لله تعالى -فقال-: "وأمثال هذا في الكتاب والسُّنَّة أكثر من أن يحصر في الدعاء الذي هو السؤال والطلب، فمن جحد كون السؤال والطلب عبادة فقد صادم النصوص، وخالف اللغة واستعمال الأمة سلفًا وخلفًا" (٤).

ووجه كون السؤال والطلب فيما لا يقدر عليه إلا الله عبادة هو أن السائل اعتقد في المسؤول التأثير بقوة غيبية، حيث طلب منه ما هو فوق طاقة البشر؛ ولأجل هذا طلب منه جلب نفع أو دفع ضر، فاعتقد فيه خاصية من خصائص الربوبية من التأثير الغيبي، والقدرة المطلقة، والسمع في حال القرب والبعد (٥).


(١) تحفة الطالب والجليس في كشف شبه داود بن جرجيس (ص ٧٥).
(٢) تقدم تخريجه في أول القاعدة.
(٣) سبل السلام (٤/ ١٧٦).
(٤) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (ص ١٣٦).
(٥) انظر: الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية (٢/ ٤٩٤).