للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأبان الله سبحانه في هذه الآيات الكريمة أنه بعث في كل أمة من الناس رسولًا، وأنه ما أرسل رسولًا إلى قومه إلا وجاءهم يدعوهم إلى أن يعبدوا الله وحده، ويجتنبوا عبادة الطاغوت، والعبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة بين الرسل وأممهم في ذلك؛ لأن المشركين يعبدون الله سبحانه، ويعبدون معه غيره، فبعث الله الرسل -عليه السلام- تأمرهم بعبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه (١).

يقول الشيخ المراغي (٢) في معنى الآية: "أي: وما أرسلنا رسولًا إلى أمة من الأمم إلا أوحينا إليه أنه لا معبود في السموات والأرض إلا أنا؛ فأخلصوا لي العبادة وأفردوا لي الألوهة" (٣).

ثانيًا: الأدلة الخاصة على أن دعوة كل نبي لقومه إنما كانت بأمرهم بعبادة الله وحده، وعدم عبادة غيره معه، وأن الخصومة، والصراع، والجدال الذي حصل بين الأنبياء وأقوامهم إنما كان أصله وأساسه راجع إلى إفراد الله بالعبادة، وأن ما يعبدونه من الآلهة والأنداد من دون الله تعالى كلها باطلة لا تملك لهم نفعًا ولا ضرًا، ومن تلك النصوص ما يلي:

١ - ما حكاه الله تعالى في شأن دعوة نوح -عليه السلام- لقومه: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (٢٤)} [نوح: ٢٣، ٢٤]، وقوله سبحانه: {لَقَدْ


(١) انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (٣/ ٣).
(٢) هو: أحمد بن مصطفى المراغي: مفسر مصري، ولد سنة ١٣٠٠ هـ، تخرج بدار العلوم سنة ١٩٠٩ هـ، ثم كان مدرس الشريعة الإسلامية بها، وولي نظارة بعض المدارس، وعين أستاذًا للعربية والشريعة الإسلامية بكلية غوردون -حاليًا جامعة الخرطوم- بالسودان، وتوفي بالقا هرة، له كتب، منها: الحسبة في الإسلام، والوجيز في أصول الفقه، وتفسير المراغي، وعلوم البلاغة، توفي سنة ١٣٧١ هـ. [ترجمته في: الأعلام للزركلي (١/ ٢٥٨)، والإعلام بتصحيح كتاب الأعلام (ص ٤٠)].
(٣) تفسير المراغي (١٧/ ٢١).