للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩)} [الأعراف: ٥٩].

فدلت هذه الآيات على أن الصراع بين نوح -عليه السلام- وقومه المشركين كان أساسه في إفراد الله بالعبادة، وتخصيصه جلَّ وعلا بالتأله الخالص، وبطلان عبادة آلهتهم، وبيان حقارتها، وما فتئ الأنبياء -عليهم السلام- والصادقون من عباد الله من أتباعهم -من عهد نوح -عليه السلام- وإلى يومنا هذا- ينهون عن تعظيم أحد من الخلق تعظيمًا خاصًا بالرب تبارك وتعالى، وأن تُصْرف إليه أعمال يقصد منها غاية التعظيم، والذل، والتواضع؛ لأنَّها مختصة بالله تعالى، وهكذا ظلت الحرب الضارية قائمةً بين الفريقين على قدم وساق، لم تضع أوزارها إلى اليوم، وحتى يأتي أمر الله (١).

ولذا فقد حكى الله تعالى عن جملة من الأنبياء أنهم بدؤوا قومهم بقولهم: {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ}، بل جميع الرسل كانت دعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له (٢).

يقول الشيخ السعدي - رحمه الله - في معنى الآية: "فكلهم اتفقوا على هذه الدعوة، وهي أول دعوة يدعون بها أممهم؛ الأمر بعبادة الله، والإخبار بأنه المستحق لذلك، والنهي عن عبادة ما سواه، والإخبار ببطلان ذلك وفساده" (٣).

٢ - قوله سبحانه عن إبراهيم: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (٥٣) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ


(١) انظر: رسالة التوحيد للدهلوي (ص ٩٥).
(٢) انظر: تفسير الطبري (١٢/ ٥٧)، تفسير ابن كثير (٢/ ٢٢٩)، و (٢/ ٢٣٢)، وتفسير السعدي (ص ٢٩٤)، و (ص ٥٥٠).
(٣) تفسير السعدي (ص ٥٥١)، وانظر: (ص ٣٨٣).