للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُبِينٍ (٥٤) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (٥٥) قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦) ... إلى قوله: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٧)} [الأنبياء: ٥١ - ٦٧]، فأوضح الله تعالى في هذه الآيات أصل الخصومة والجدال الذي دار بين إبراهيم وقومه، وأنه انحصر في تخصيص الله بالعبادة، وإبطال إلهية ما سواه، وأنها من أبطل الباطل المزعوم، وأعظم الإفك المفترى.

ولذا قال سبحانه عن إبراهيم: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧)} [العنكبوت: ١٦، ١٧].

وبذلك تظهر حقيقة الصراع المحتدم، والجدال العنيف، والتصادم الضاري، والخصام الشديد الذي دار بين خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- وبين قومه المشركين، وأن أصل ذلك النزاع في إفراد الله تعالى، وتخصيصه بالعبادة، وأن آلهتهم ما هي إلا مجرد إفك مفترى، وباطل مزعوم.

٣ - قوله تعالى في قصة هود -عليه السلام- مع قومه: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠)} [الأعراف: ٧٠]، وقوله سبحانه عنهم: {قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣)} [هود: ٥٣].

أي: أجئتنا لنعبد الله وحده، ونخالف آباءنا وأسلافنا، وما كانوا عليه، فإن كنت صادقًا فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب،