للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنكال، فإنا لا نؤمن بك، ولا نتبعك، ولا نصدقك (١).

فهم إنما أنكروا اختصاصه -سبحانه وتعالى- بالعبادة، والإعراض عن عبادة الأوثان؛ انهماكًا منهم في التقليد، وحبًّا لما ألفوه، وألفوا أسلافهم عليه (٢).

٤ - وقال سبحانه عن قوم صالح -عليه السلام-: {قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢)} [هود: ٦٢].

أي: قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملًا قبل هذه المقالة، وهي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة، وترك ما كنا نعبده من الأنداد، والعدول عن دين الآباء والأجداد، أفتنهانا أن نعبد الآلهة التي كانت آباؤنا تعبد، مع عدم علمنا بصحة ما تدعونا إليه من توحيد الله تعالى، وإخلاص الألوهية له (٣).

فجعلوا نهي نبي الله صالح -عليه السلام- لهم عن عبادة الآلهة قدحًا في عقولهم، وعقول آبائهم الضالين، كيف ينهاهم عن عبادة من لا ينفع ولا يضر ولا يغني شيئًا؛ من الأحجار، والأشجار، ونحوها، ويأمرهم بإخلاص الدين لله ربهم، وقد قالوا له ذلك على جهة التوعد والاستبشاع لتلك المقالة منه (٤).

٥ - وقال تعالى عن قوم شعيب - عليه السلام -: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧)} [هود: ٨٧].


(١) انظر: البداية والنهاية (١/ ١٢٥).
(٢) انظر: تفسير أبي السعود (٣/ ٢٣٩).
(٣) انظر: تفسير الطبري (١٢/ ٦٣)، والبداية والنهاية لابن كثير (١/ ١٣٣).
(٤) انظر: تفسير السعدي (٣٨٥)، وروح المعاني (١٢/ ٨٩).