للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المساجد، إلا ما خص به المسجد الحرام من الطواف ونحوه، فإن خصائص المسجد الحرام لا يشاركه فيها شيء من المساجد كما أنه لا يصلى إلى غيره" (١).

وقال -رحمه الله- أيضًا: "ودين الإسلام أنه لا تقصد بقعة للصلاة إلا أن يكون مسجدًا فقط؛ ولهذا مشاعر الحج غير المسجد الحرام تقصد للنسك لا للصلاة، فلا صلاة بعرفة، وإنما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم عرفة بعرنة، خطب بها ثم صلى، ثم بعد الصلاة ذهب إلى عرفات فوقف بها، وكذلك يذكر الله، ويدعى بعرفات، وبمزدلفة على قزح (٢)، وبالصفا والمروة، وبين الجمرات، وعند الرمي، ولا تقصد هذه البقاع للصلاة، وأما غير المساجد ومشاعر الحج فلا تقصد بقعة لا للصلاة ولا للذكر ولا للدعاء، بل يصلي المسلم حيث أدركته الصلاة، إلا حيث نهي، ويذكر الله ويدعوه حيث تيسر من غير قصد تخصيص بقعة بذلك، وإذا اتخذ بقعة لذلك كالمشاهد نهي عن ذلك كما نهي عن الصلاة في المقبرة، إلا ما يفعله الرجل عند السلام على الميت من الدعاء له وللمسلمين، كما يفعل مثل ذلك في الصلاة على الجنازة، فإن زيارة قبر المؤمن من جنس الصلاة على جنازته، يفعل في هذا من جنس ما يفعل في هذا، ويقصد بالدعاء هنا ما يقصد بالدعاء هنا" (٣).

ويقول الشيخ الدهلوي: "ومعنى ذلك أن الله - سبحانه وتعالى - قد خصص أمكنة لتعظيمه؛ كالكعبة، وعرفات، والمزدلفة، ومنى، والصفا والمروة، ومقام إبراهيم، والمسجد الحرام كله، ومكة كلها، والحرم كله، وألهم الناس شوقًا لزيارتها، والحنان إليها، فيتوجهون إلى هذه الأمكنة رجالًا


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٤٣٩).
(٢) هو جبل بآخر مزدلفة. المصباح المنير (١/ ٣١٥).
(٣) مجموع الفتاوى (١٧/ ٤٧٧ - ٤٧٨).