للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول أبو بكر الدمياطي (١): "وأصله إله: أي: أصله الأول إله كإمام، وهو اسم جنس لكل معبود؛ أي: سواء كان بحق أو باطل، ثم بعد تعريفه غلب استعماله في الله المعبود بحق غلبة تقديرية، وهي اختصاص اللفظ بمعنى مع إمكان استعماله (٢) في غيره بحسب الوضع، لكن لم يستعمل فيه بالفعل كما هنا، فإن لفظ الإله صالح لأن يستعمل في غير الله بحسب الوضع لكن لم يستعمل إلا في الله سبحانه وتعالى" (٣).

ولذا يقول الإمام ابن تيمية: "والإله هو بمعنى المألوه المعبود الذي يستحق العبادة ليس هو الإله بمعنى القادر على الخلق" (٤).

ولا شك أن الذي يستحق العبادة هو الإله الحق، وهو الله سبحانه وتعالى، بخلاف غيره من المعبودات فإن ألوهيتها ألوهية باطلة، فهي مجرد تسمية لا حقيقة لها في الخارج، كما قال تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [يوسف: ٤٠]، وإنما الألوهية الحقة التامة الشاملة هي الثابتة لله وحده لا شريك له، ولذلك استحق العبادة دون ما سواه.

يقول الإمام ابن تيمية: "أخبر -سبحانه- أن الأسماء التي سماها المشركون أسماء ابتدعوها: لا حقيقة لها، فهم إنما يعبدون أسماء لا مسميات لها؛ لأنه ليس في المسمى من الألوهية، ولا العزة، ولا التقدير شيء، ولم ينزل الله سلطانًا بهذه الأسماء؛ إن يتبع المشركون إلا ظنًا لا


(١) هو: بكري بن محمد زين الدين شطا الدمياطي الشافعي، أبو بكر البكري: فقيه فاضل، ولد سنة ١٢٦٦ هـ، له كتب منها: إعانة الطالبين في حل ألفاظ فتح المعين؛ وهو من الكتب المعتمدة عند متأخري الشافعية، والدرر البهية فيما يلزم المكلف من العلوم الشرعية، وكفاية الأتقياء ومنهاج الأصفياء، وتفسير القرآن لم يكمله، توفي سنة ١٣١٠ هـ. [ترجمته في: الإعلام بتصحيح كتاب الأعلام (ص ٩٧)، والأعلام (٤/ ٢١٤)].
(٢) في الأصل المطبوع (استعمال) والزيادة مني.
(٣) إعانة الطالبين (١/ ٩).
(٤) درء التعارض (١/ ٢٢٦).