للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالله يعدلون الأوثان والأصنام، فيجعلونها له عدلًا، ويتخذونها له ندًا، يعبدونها من دونه" (١).

والمقصود أنهم يجعلون له عدلًا في العبادة، والمحبة، والتعظيم، فهذه هي التسوية التي أثبتها المشركون بين الله وآلهتهم، وعرفوا وهم في النار أنها كانت ضلالًا وباطلًا، فيقولون لآلهتهم وهم في النار معهم: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)} [الشعراء: ٩٧، ٩٨]، ومعلوم أنهم ما سووهم به في الذات، والصفات، والأفعال، ولا قالوا: إن آلهتهم خلقت السموات والأرض، وأنها تحيي وتميت، وإنما سووها به في محبتهم لها، وتعظيمهم لها، وعبادتهم إياها، كما ترى عليه أهل الإشراك ممن ينتسب إلى الإسلام (٢).

وقال الشيخ يحيى العمراني: "وقد أخبر الله بضلال من سوى بين الله وبين خلقه بشيء، فقال تعالى إخبارًا عن أهل النار: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)}، ومن سمى غير الله خالقًا لشيء من الأشياء فقد سوى غير الله بالله" (٣).

ثالثًا: النصوص الدالة على أن شرك المشركين كان باتخاذهم وسائط وشفعاء وشركاء وأندادًا تقربهم إلى الله عَزَّ وجل، وفي ذلك تشبيه لله تعالى بملوك الدنيا في كونهم لا يتوصلون إليهم إلا بالوسائط، فجعلوا الله تعالى لا يمكن الوصول إليه إلا بتوسط آلهتهم، وشفاعة أوثانهم، ومن تلك النصوص ما يلي:

١ - قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ


(١) تفسير الطبري (٨/ ٨١).
(٢) انظر: إغاثة اللهفان (١/ ٦١)، و (٢/ ٢٢٩)، ومدارج السالكين (١/ ٣٤١)، ومفتاح دار السعادة (٢/ ١٢٠).
(٣) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (١/ ٢٣١).