للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأصل الشرك أن تعدل بالله تعالى مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده" (١).

ويقول الإمام ابن القيم: "وهذا التشبيه الذي أبطله الله سبحانه نفيًا ونهيًا هو أصل شرك العالم، وعبادة الأصنام، ولهذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يسجد أحد لمخلوق مثله، أو يحلف بمخلوق مثله، أو يصلي إلى قبر، أو يتخذ عليه مسجدًا، أو يعلق عليه قنديلًا، أو يقول القائل: ما شاء الله وشاء فلان، ونحو ذلك حذرًا من هذا التشبيه الذي هو أصل الشرك" (٢).

ويقول رَحمه الله أيضًا: "والمقصود أنه لم يكن في الأمم من مثله بخلقه، وجعل المخلوق أصلًا ثم شبهه به، وإنما كان التمثيل والتشبيه في الأمم حيث شبهوا أوثانهم ومعبوديهم به في الإلهية، وهذا التشبيه هو أصل عبادة الأصنام" (٣).

ويقول المقريزي: "اعلم أن حقيقة الشرك: تشبيه الخالق بالمخلوق، وتشبيه المخلوق بالخالق؛ أمّا الخالق: فإن المشرك شبّه المخلوق بالخالق في خصائص الإلهيّة، وهي التفرّد بملك الضّر والنفع، والعطاء والمنع، فمن علّق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق تعالى، وسوّى بين التراب وربّ الأرباب، فأي فجور وذنب أعظم من هذا؟ " (٤).

ويقول أيضًا: "وبالجملة؛ فالتَّشْبِيهُ والتَّشَبُّه هو حقيقة الشرك، ولذلك كان من ظن أنه إذا تقرب إلى غيره بعبادة ما يُقَرِّبَه ذلك الغير إليه تعالى فإنه يخطئ؛ لكونه شَبَّهَهُ به، وأخذ ما لا ينبغي أن يكون إلّا له، فالشرك منعه سبحانه وتعالى حقَّه، فهذا قبيح عقلًا وشرعًا، ولذلك لم يشرع ولم


(١) الاستقامة (١/ ٣٤٤)، وانظر: مجموع الفتاوى (١٣/ ١٩)، والدرر السنية (١/ ١٨٩).
(٢) إغاثة اللهفان لابن القيم (٢/ ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٣) المصدر نفسه (٢/ ٢٢٨).
(٤) تجريد التوحيد المفيد (ص ٢٦).