للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ، وأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ: إنَّمَا تَكُونُ الْمُتَابَعَةُ إِذَا قَصَدْنا مَا قَصَدَ، وَأَمَّا الْمُشَابَهَةُ فِي الصورَةِ مِنْ غَيْرِ مُشَارَكَةٍ فِى الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ فَلَا تَكُونُ مُتَابَعَةً. فَمَا فَعَلَهُ عَلَى غَيْرِ الْعِبَادَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْعَلَ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُتَابَعَةِ؛ بَلْ مُخَالَفَةٌ" (١).

ويقول أيضًا: "ونحن مأمورون باتباعه -صلى الله عليه وسلم- وذلك بأن نصدقه في كل ما أخبر به، ونطيعه في كل ما أوجبه وأمر به، لا يتم الإيمان به إلا بهذا وهذا، ومن ذلك أن نقتدي به في أفعاله التي يشرع لنا أن نقتدي به، فما فعله على وجه الوجوب، أو الاستحباب، أو الإباحة نفعله على وجه الوجوب، أو الاستحباب، أو الإباحة، وهو مذهب جماهير العلماء، إلا ما ثبت اختصاصه به، فإذا قصد عبادة في مكان شرع لنا أن نقصد تلك العبادة في ذلك المكان" (٢).

ويقول أيضًا: "وما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- على وجه التعبد فهو عبادة، يشرع التأسي به فيه، فإذا خَصَّصَ زمانًا أو مكانًا بعبادة كان تخصيصه بتلك العبادة سنة، كتخصيصه العشر الأواخر بالاعتكاف فيها، وكتخصيصه مقام إبراهيم بالصلاة فيه، فالتأسي به أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل لأنه فعل" (٣).

ويقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وأما متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فواجب على أمته متابعته في الاعتقادات والأقوال والأفعال، فتوزن الأقوال والأفعال بأقواله وأفعاله، فما وافق منها قُبل، وما خالف رد على فاعله كائنًا من كان" (٤).


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٢٢).
(٢) المصدر نفسه (٢٧/ ٤٢٠).
(٣) المصدر نفسه (١٠/ ٤٠٩).
(٤) انظر: مؤلفات محمد بن عبد الوهاب في العقيدة (ص ١٠٦).