تلك المراءاة وذلك التعظيم والظن الحسن بهم في الدنيا.
ثانيًا: استقراؤهم للنصوص الواردة في الشرك الأصغر، وكون أفراده المنصوص عليها لم تصل إلى درجة الشرك الأكبر، لكنهم لحظوا التشابه والاتفاق في الظاهر بين حالتي الشرك الأكبر والأصغر في بعض الأمور، وقد يحصل الاشتباه أحيانًا بحيث لا يفرق بينهما إلا من ألهمه الله علمًا ورزقه فهمًا، هذا مع وجود الاختلاف الكبير أيضًا الذي يعطي كل واحد منهما حكمه، والذي مرجعه في الغالب إلى النية والإرادة والقصد والاعتقاد.
فوجود هذا التشابه والاشتباه، مع غفلة الناس، وتزيين الشيطان، وحرصه الشديد على إيقاع أهل التوحيد في مستنقع الإشراك ومنحدر التنديد، بل وفرحه بذلك أشد الفرح صار الشرك الأصغر من أمضى أسلحته، وأعظم وسائله، وأخطر ذرائعه، وأكبر أبوابه التي يتوصل بها إلى تلبس أهل التوحيد بالشرك الأكبر المخرج عن ملة الإسلام.
يقول الإمام ابن تيمية:"فإن الشرك، وتعلق القلوب بغير الله؛ عبادة واستعانة غالب على قلوب الناس في كل وقت، إلا من عصم الله، والشيطان سريع إلى دعاء الناس إلى ذلك"(١).
ثالثًا: استقراؤهم لواقع الناس وتقصيهم لأحوالهم، فإن الناظر في سيرة من تلبس بشيء من الشرك الأصغر أن نهايته كانت وقوعه في الشرك الأكبر وخروجه عن ملة الإسلام؛ فإن من ابتلي بلبس التمائم على أساس أنها سبب للشفاء لا يزال معه الشيطان مزينًا له هذه التمائم حتى يصل به إلى أن يعتقد فيها استقلال النفع والضر، ولا شك أن اعتقاد أن أحدًا دون الله يملك جلب نفع، أو دفع ضر بذاته استقلالًا من أعظم الإشراك