للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشمل؛ لأنها مرتبطة بالمصالح والمفاسد، وإن كان الأمر عند المالكية لا يختلف؛ إذ الوسائل عندهم هي الذرائع نفسها (١).

وعليه، فإن جميع الأدلة المذكورة في قاعدة (سد الذرائع) تصلح للاستدلال بها على قاعدة (الوسائل لها أحكام المقاصد)، فلتراجع هناك (٢).

ثانيًا: قوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠)} [التوبة: ١٢٠].

فكتب الله لهم ثواب الظمأ والنصب والسير والتعب، وإن لم يكن مقصودًا منهم، ولكنه حصل تبعًا للجهاد الذي فرضه الله عليهم، فالجهاد مقصد والسير إليه وسيلة، فجعلت الوسيلة عبادة يثاب عليها العبد تبعًا لمقصدها.

وعليه، فمن قصده طاعة الله كان قيامه، وقعوده، ومشيته، وحركته، وسكونه، وجميع ما يتوصل به إلى الطاعة كلها حسنات مكتوبة عند الله، وكذا القول في طرف المعصية؛ فما أعظم بركة الطاعة، وما أعظم شؤم المعصية (٣).

يقول القرافي: "وينبه على اعتبار الوسائل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ


(١) انظر: الفروق، للقرافي (٢/ ٥٩).
(٢) انظر: قاعدة سد الذرائع (ص ٩٦٣) (المبحث الأول/ الفصل الثالث من الباب الثاني).
(٣) انظر: التفسير الكبير للرازي (١٦/ ١٧٨).