للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين" (١).

رابعًا: من المعلوم أن التساوي في الذوات والأوصاف يوجب التساوي في الأحكام والخصائص والحقوق؛ فإن المستويين ذاتًا ووصفًا يستويان في الحكم والحق والاختصاص؛ وذلك لتحقيق التساوي (٢).

يقول الشيخ الدكتور عبد الله الجربوع في تقرير هذا الدليل: "إن المتقرر في دلالة العقول: أن المساواة في الذات والصفات تعني المساواة في الاستحقاق العام والأحكام، فكل من أثبت مشابهًا ونظيرًا لله في ذاته أو شيء من صفاته وأفعاله، فقد جعل له شيئًا من الألوهية، وأوجب له العبادة تعالى الله عن ذلك.

وعلى هذه القاعدة جاء قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)} [الزخرف: ٨١].

ومعنى الآية: (قل يا محمد إن ثبت لله ولد، فأنا أول من يعبد هذا الولد الذي تزعمون ثبوته. ولكنه يستحيل أن يكون له ولد. وفيه نفي للولد على أبلغ وجه، وأتم عبارة، وأحسن أسلوب. وهذا هو الظاهر من النظم القرآني ... ومثل هذا قول الرجل لمن يناظره: إن ثبت ما تقول بالدليل فأنا أول من يعتقده ويقول به) (٣).

فتبيَّن بهذا الدليل الذي يحس به كل أحد، ولا ينكره بشر التلازم وعدم الانفكاك بين شرك التعطيل لأسماء الله وصفاته وبين الشرك في العبادة" (٤).


(١) درء التعارض (٥/ ١٨١).
(٢) انظر: قواطع الأدلة في الأصول، للسمعاني (٢/ ١٦٨).
(٣) انظر: فتح القدير (٤/ ٥٦٦)، ويقول الإمام القرطبي في معنى الآية: "وقيل المعنى: قل يا محمد؛ إن ثبت لله ولد فأنا أول من يعبد ولده، ولكن يستحيل أن يكون له ولد، وهو كما تقول لمن تناظره: إن ثبت ما قلت بالدليل فأنا أول من يعتقده، وهذه مبالغة في الاستبعاد؛ أي: لا سبيل إلى اعتقاده". [تفسير القرطبي (١٦/ ١١٩)].
(٤) الأمثال القرآنية القياسية المضروبة للإيمان بالله، للدكتور عبد الله الجربوع (٣/ ٨٢٧).