للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)} [النمل: ٦٢]، وقال تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧)} [العنكبوت: ١٧].

يقول الرازي في "تفسيره ": "ولم يقل (فقل إني قريب) فتدل على تعظيم حال الدعاء من وجوه؛ الأول: كأنه سبحانه وتعالى يقول: عبدي أنت إنما تحتاج إلى الواسطة في غير وقت الدعاء، أما في مقام الدعاء فلا واسطة بيني وبينك" (١).

فدعاء الله تعالى سواء كان دعاء عبادة أو دعاء مسألة يجب إخلاصه لله تعالى والعمل بطاعته وليس باتخاذ الوسائط طلبًا للقربة ورجاء في قبول الدعاء عند الله تعالى فما عند الله لا ينال بمعصيته.

يقول الإمام الطبري عند الآية: "فأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن دعاء الله إنما هو عبادته ومسألته بالعمل له والطاعة" (٢).

كما أمر سبحانه وتعالى عباده بإخلاص الدين له، وإفراده بالعبادة بدون واسطة أو شفاعة، ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} [البينة: ٥]، وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (٣)} [الزمر: ٢، ٣].

يقول الحافظ ابن كثير: "أي: فاعبد الله وحده لا شريك له، وادع الخلق إلى ذلك، وأعلمهم أنه لا تصلح العبادة إلا له وحده، وأنه ليس


(١) التفسير الكبير (٥/ ٨٤).
(٢) تفسير الطبري (٢/ ١٦٠).