له شريك، ولا عديل، ولا نديد، ولهذا قال تعالى:{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}؛ أي: لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله وحده لا شريك له ... ثم أخبر عزَّ وجلَّ عن عباد الأصنام من المشركين أنهم يقولون:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣]" أي: إن ما يحملهم على عبادتهم لهم، أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم، فعبدوا تلك الصور تنزيلًا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة؛ ليشفعوا لهم عند الله تعالى؛ في نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمور الدنيا"(١).
٢ - أن جعل الوسائط بين العبد وربه، والتقرب إليهم بالعبادة والتعظيم مناقض ومناف للحكمة الشرعية والغاية المطلوبة من إيجاد المخلوقات، وهي عبادة الله تعالى بإخلاص ومحبة وخضوع وإنابة وتضرع بين يديه، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧)} [الذاريات: ٥٦، ٥٧].
فالذي يتقرب إلى الله بالوسائط قد عارض هذه الحكمة وهذه الغاية العظيمة، وصرف المحبة والخضوع والتعظيم والخوف والخشية لغير الله العظيم، فإن المتخذ للوسائط من دون الله تعالى يعتقد أنها توصله إلى الله، وتقربه منه، وأنه لا يستطيع الوصول إليه، والنيل من خيراته، والأمن من الشرور والمضار إلا عن طريق هذه الواسطة، وأن الله لا يقبل منه صرفًا ولا عدلًا إن لم يأته بواسطة، ولا شك أن هذا الاعتقاد يجعل قلبه يتعلق بهذه الواسطة فيصرف لها صنوفًا من العبادات والتعظيمات فيقع في الشرك بالله العظيم.
٣ - أن التقرب إلى الله تعالى باتخاذ الوسائط فيه تشبه بالمشركين عبدة الأنبياء والصالحين، من عهد نوح عليه السلام وإلى يومنا هذا، جميعهم