للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز: "وهكذا قال جميع العلماء: إن العبادة هي التوحيد، إذ هو المقصود، والأمم الكافرة تعبد الله وتعبد معه سواه" (١).

وذلك باعتبار أن التوحيد هو أعظم أركان العبادة، وأجل أفرادها، وأن جميع العبادات مبنية عليه، وأنه هو مقصود الرسل، وغاية الخلق، والحق أن العبادة شاملة للاعتقادات والأقوال والأعمال، وعليه فتعريف العبادة بالتوحيد هو من باب إطلاق الاسم على بعض مسمياته، وتعريف الشيء بأهم أركانه، ولا يعني ذلك حصر العبادة في التوحيد، وإنما يدل على أنه أصل وركن في العبادة، فهو كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-يمّ: "الْحَجُّ عَرَفَةٌ" (٢).

فهذا الحصر لا ينفي اعتبار غيره، بل يدل على أن هذا المذكور جزء شريف من المقصود، وأنه هو الأصل والباقي تابع له، والخبر عن الشيء يصدق ببعض أركانه وأهم مقاصده (٣).

يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه لكتاب التوحيد: "العبادة هي التوحيد؛ أي: أن العبادة مبنية على التوحيد، فكل عبادة لا توحيد فيها ليست بعبادة، لا سيما أن بعض السلف فسروا قوله تعالى: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)}: إلا ليوحدون، وهذا مطابق تمامًا لما استنبطه


(١) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ابن باز (٢/ ٤٣).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ٣٠٩)، برقم (١٨٧٩٦)، وانظر: سنن النسائي (٢٥٦/ ٥)، برقم (٣٠١٦)، والترمذي في جامعه (٣/ ٢٣٧)، برقم (٨٨٩)، والحاكم في المستدرك (١/ ٦٣٥)، برقم (١٧٠٣)، وَقَالَ: حَديثٌ صَحِيحٌ الْإسْنادِ، وَلَمْ يخرجاه، وأقره الذهبي، وأخرجه ابن خزيمة (٤/ ٢٥٧)، برقم (٢٨٢٢)، والدارقطني في سننه (٢/ ٢٤٠)، برقم (١٩)، وابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٢٢٦)، برقم (١٣٦٨٣)، [وانظر: تلخيص الحبير (٢/ ٢٥٥)، وصححه العلامة الألباني]. [انظر: صحيح الجامع الصغير برقم (٣١٧٢)، وإرواء الغليل (٤/ ٢٥٦) برقم (١٠٦٤)].
(٣) انظر: التفسير الكبير (١٥/ ١٤٨)، ولسان الميزان (٥/ ١٤٤)، وفيض القدير (٤/ ٥٢١).