للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذكر -صلى الله عليه وسلم- أنواع الانحرافات العقدية، وأشار إلى أثر البيئة والتربية الاجتماعية في اتجاه الإنسان إلى الفطرة، أو الانحراف عنها، ولم يجعل الإسلام منها، وأنزل الكتب وأرسل الرسل وجعلهما ميزانًا للحق، ومصدرًا له، كما قال سبحانه: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: ٢١٣].

وقد جاء الرسل بتكميل هذه الفطرة وتتميمها وتنميتها وإزالة غشاوة الباطل عنها، كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦] (١).

دلالة الحديث على أن معنى الفطرة الإسلام:

١ - روايات الحديث المتعددة والمتعاضدة التي يفسر بعضها بعضًا، فمرة قال: على الملة أو على هذه الملة، ومرة قال: على فطرة الإسلام، وهي دالة على أن معنى الفطرة هو الإسلام (٢).

٢ - تأييد أبي هريرة - رضي الله عنه - لمعنى الحديث بالآية: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] وسبق بيان معنى الآية وأن الفطرة فيها الإسلام والتوحيد، وإخلاص الوجه لله تبارك وتعالى، ومن المعلوم أن تفسير الراوي حجة في هذا المقام، لحضوره وسماعه، ومعرفته بحقيقة الحال.

٣ - أن الحديث ذكر تغيير الفطرة بسائر ملل الكفر، ولم يذكر من ضمنها ملة الإسلام، فدلَّ على أنه باق على الأصل وهو الإسلام، ثم ينتقل منه إلى سائر الملل بعد فساد فطرته بتأثير أبويه.


= (١٦٥٧)، والمعجم الكبير (١/ ٢٨٣)، برقم (٨٣٧).
(١) انظر: مجلة البحوث الإسلامية، (عدد/ ٤٦)، (ص ٣٣٤).
(٢) انظر: درء التعارض (٨/ ٣٧١)، أحكام أهل الذمة (٢/ ٩٦١).