للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولًا: النصوص الدالة على حرمة التحايل على المحرمات الذي هو فعل اليهود وصفتهم الغالبة، ومن ذلك:

ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتْ الْيَهُودُ فَتَسْتَحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ بِأَدْنَى الْحِيَلِ" (١).

وقد جاء فعل اليهود في تحايلهم على تحليل الشحوم التي حرمها الله عليهم، ففي "الصحيحين" عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ - رضي الله تعالى عنهُ - يَقُولُ: قاتَلَ الله فُلانًا ألَم يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " لَعَنَ الله اليَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَّلُوها فَبَاعُوهَا" (٢).

ولا شك أن تغيير الألفاظ الشرعية التي لها دلالات معينة، وحقائق ثابتة، ومن ثم تسميتها بأسماء أخرى مألوفة وغير منفرة من أجل إباحتها وتجويزها من أعظم الحيل المحرمة.

ووجه الشاهد من هذه الأدلة: أنه لو كان مجرد تغيير الاسم واللفظ يؤثر في تغيير المعنى والمضمون لما حُرِّمَت الحيل أصلًا؛ لأنَّه بتغيير الاسم واللفظ سيتغير المعنى وينتقل إلى حقيقة أخرى غير الحقيقة الأولى، وعندها فلا مانع من أن يكون للحقيقة الثانية حكم آخر يختلف عن الأول. لكن مع تحريم هذا الصنيع دلالة على أن تغيير اللفظ والاسم


(١) رواه الإمام ابن بطة في: إبطال الحيل (ص ٤٧)، ويقول الإمام ابن تيمية عقب ذكره للحديث: "هذا إسناد جيد، يصحح مثله الترمذي وغيره تارة، ويحسنه تارة، ومحمد بن مسلم المذكور مشهور ثقة، ذكره الخطيب في تاريخه كذلك، وسائر رجال الإسناد أشهر من أن يحتاج إلى وصفهم، وقد تقدم ما يشهد لهذا الحديث من قصة أصحاب السبت". الفتاوى الكبرى (٣/ ١٢٣)، وانظر: مجموع الفتاوى (٢٩/ ٢٩)، وحسَّنه الإمامان: ابن القيم وابن كثير. انظر: حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (٩/ ٢٤٤)، وتفسير ابن كثير (١/ ١٠٨).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (٣/ ١٢٧٥)، برقم (٣٢٧٣)، ومسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام (٣/ ١٢٠٧)، برقم (١٥٨٢).