للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّفْظِ، والتَّسْمِيَةُ هِيَ اخْتِصاصُ ذَلِكَ اللَّفْظِ بِتِلْكَ الذَّاتِ (١) (٢).

ولا يكاد ينفك اللفظ أو الاسم عن الحقيقة والمعنى؛ إذ لا سبيل إلى معرفة حقائق الأشياء إلا بتوسط الألفاظ، فإن الألفاظ قوالب المعاني، والأسماء قوالب المسميات (٣).

يقول الإمام الشوكاني: "فإن الألفاظ إنما هي قوالب المعاني، ولا تراد لذاتها أصلًا؛ لا عند أهل اللغة ولا عند أهل الشرع" (٤).


(١) انظر: المفردات في غريب القرآن (ص ٢٤٤)، والمقصد الأسنى للغزالي (ص ١٧٣)، وعمدة القاري (١٤/ ٢٣)، وسبل الهدى والرشاد، لمحمد بن يوسف الصالحي الشامي (١/ ٤٩٣).
(٢) مسألة الاسم والمسمى خاض فيها أهل الكلام والذي عليه أهل السُّنَّة أنه لا يقال الاسم نفس المسمى ولا غير المسمى؛ لأن هذا من الألفاظ المجملة، التي توقف فيها أهل السُّنَّة والجماعة بدون نفي ولا إثبات، والصواب أن يقال: الاسم للمسمى.
يقول الشيخ يحيى العمراني: "واختلف الناس في الاسم هل هو المسمى، أو غيره، فذهب أحمد بن حنبل ومن تابعه إلى أن: الاسم للمسمى، وقال بعضهم: هو صفة للمسمى، وقال بعضهم: هو صفة للمسمى، وقال بعضهم: هو علم للمسمى، والجميع واحد. وقال المعتزلة: الاسم غير المسمى، وقال أبو الحسن الأشعري: الاسم هو المسمى". [الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (٢/ ٦٠٣)].
ويقول الإمام ابن تيمية: "وأما الذين يقولون: أن الاسم للمسمى كما يقوله أكثر أهل السُّنَّة، فهؤلاء وافقوا الكتابِ والسُّنَّة والمعقول قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: ١٨٠]، وقال: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تسعى وتسعين اسمًا" ....
وإذا قيل لهم: أهو المسمى أم غيره؟ فصلوا؛ فقالوا: ليس هو نفس المسمى، ولكن يراد به المسمى، وإذا قيل: أنه غيره بمعنى أنه يجب أن يكون مباينًا له فهذا باطل؛ فإن المخلوق قد يتكلم بأسماء نفسه فلا تكون بائنة عنه، فكيف بالخالق، وأسماؤه من كلامه، وليس كلامه بائنًا عنه، ولكن قد يكون الاسم نفسه بائنًا مثل أن يسمي الرجل غيره باسم أو يتكلم باسمه، فهذا الاسم نفسه ليس قائمًا بالمسمى، لكن المقصود به المسمى، فإن الاسم مقصوده إظهار المسمى وبيانه". [مجموع الفتاوى (٦/ ٢٠٦ - ٢٠٧)].
(٣) انظر: فيض القدير (١/ ٣١٢)، وروح المعاني (١٥/ ٨١).
(٤) السيل الجرار (٢/ ٣٤٣).