للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إضافة إلى معنى قصد التعبد والتقرب، فهو يتضمن معنى الإخلاص وزيادة.

يقول الإمام العز بن عبد السلام (١): "الرياء والإخلاص: إرادتان زائدتان على إرادة العبادة، فإرادة العبادة أن يريد إيقاع تلك الطاعة، والإخلاص: أن يريد بها ثواب الله تعالى، دون شيء من الأغراض الدنيوية، والرياء: أن يريد بعمله التعظيم، والمدح، وغير ذلك من أغراض الرياء" (٢).

فالنية شاملة لهذين المعنيين، قصد العبادة بتمييزها عن غيرها، أو عن العادة، وقصد المعبود بتمييزه عن غيره مما لا يستحق العبادة، ومن الناس من جعل المعنى الأول هو المختص بلفظ النية -فلا يستعمل لفظ النية إلا فيه- مع أن المعنى الثاني هو الغالب، وهو الأكثر في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسلف الأمة.

يقول الإمام ابن رجب: "وقد جاء ذكرها كثيرًا في كتاب الله -عز وجل- بغير لفظ النجة أيضًا- من الألفاظ المقاربة لها، وإنما فرق من فرق بين النية، وبين الإرادة والقصد ونحوهما؛ لظنهم اختصاص النية بالمعنى الأول الذي يذكره الفقهاء، ... وقد ذكرنا أن النية في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلف الأمة إنما يراد بها هذا المعنى الثاني غالبًا، فهى حينئذٍ بمعنى الإرادة" (٣).


(١) هو: أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام السلمي، المشهور بسلطان العلماء، ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة وتفقه على ابن عساكر، وقرأ الأصول على الآمدي، وبرع في المذهب، وفاق فيه الأقران، وجمع بين فنون العلم، له تفسير مختصر، وكتاب قواعد الأحكام، ومختصر صحيح مسلم، وغيرها، ولي الخطابة بدمشق، وولي القضاء في مصر ثم عزل نفسه، توفي بمصر سنة ستين وستمائة. [ترجمته في: طبقات المفسرين (ص ٢٤٢)، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (٢/ ١٠٩)].
(٢) مقاصد الرعاية لحقوق الله عزَّ وجلَّ (ص ٩١).
(٣) جامع العلوم والحكم (ص ١١ - ١٢).