للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَمْعِ فَإِذَا كَانَتْ مِنَ الآدَمِيِّينَ على مسيرَة أَرْبَعمِائَة سَنَةٍ زَفَرَتْ زَفْرَةً فَيَتَجَلَّى اِلنَّاسِ السَّكَرُ وَتَطِيرُ الْقُلُوبُ إِلَى الْحَنَاجِرِ فَلا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْهُمُ النَّفَسَ إِلا بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيدٍ، ثُمَّ يَأْخُذُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْغَمِّ حَتَّى يُلجمهم الْعرق فِي مكانِهم فتستأذنُ الرَّحْمَن فِي السُّجُود فيأذنُ لَها فتقولُ الْحَمد لله الَّذِي جعلني أنتقمُ لله مِمَّن عصاهُ ولَمْ يَجْعَلنِي آدَمِيًّا فينتقم مني ثُمَّ تزين الْجنَّة فَإِذا كَانَت من الْآدَمِيّين على مسيرَة خَمْسمِائَة سنة يَجدُ الْمُؤْمِنُونَ رِيحهَا وروحها فتسكنُ نُفُوسهم ويزدادونَ قُوَّة عَلَى قوتِهم فَتثبت عُقُولهمْ ويلقنهم الله حجج ذنوبِهم ثُمَّ تنصب الموازين وتنشر الدَّوَاوِين ثُمَّ يُنَادي أَيْنَ فلَان ابْن فلَان قُم إِلَى الْحساب فَيقومُونَ فيشهدونَ للرسل أنّهم قد بلغُوا رسالات ربِّهم فَأنْتم حجَّة الرُّسُل يَوْم الْقِيَامَة فينادي رَجُل رَجُل فيا لَهَا من سَعَادَة لَا شقوة بعْدهَا وَيَا لَها من شقوة لَا سَعَادَة بعْدهَا.

فَإِذا قضى بَين أهل الدَّاريْنِ وَدخل أهلُ الْجنَّة الْجنَّة وأهلُ النَّار النَّار بعثَ الله عَزَّ وَجَلَّ مَلَائِكَة إِلَى أمتِي خَاصَّة وَذَلِكَ فِي مِقْدَار يَوْم الْجُمُعَة مَعَهم التحف والهدايا من عِنْدَ ربِّهم فَيَقُولُونَ السلامُ عَلَيْكُم إِن ربكُم رب الْعِزَّة يقْرَأ عَلَيْكُم السَّلَام وَيَقُول لكم أرضيتم الْجنَّة قرارًا ومنزلاً فَيَقُولُونَ هُوَ السَّلَام وَمِنْه السَّلَام وَإِلَيْهِ يرجعُ السَّلَام فَيَقُولُونَ إِن الرب قد أذنَ لكم فِي الزِّيَارَة إِلَيْهِ فيركبون نوقًا صفرًا وبيضًا رحالاتها الذَّهَب وَأَزِمَّتهَا الْيَاقُوت تَخْطُرُ فِي رمال الكافور أَنَا قائدهم وبلال عَلَى مقدمتهم وَوجه بِلَال أَشد نورا من الْقَمَر لَيْلَة البدرِ والمؤذنونَ حوله بِتِلْكَ الْمنزلَة وأهلُ حرم الله تَعَالَى أدنَى النَّاس مني ثُمَّ أهلُ حرمي الَّذين يَلُونَهُمْ ثُمَّ بعدهمْ الْأَفْضَل، فَالْأَفْضَل فيسيرون وهم فِي تَكْبِير وتهليل لَا يسمع سامع فِي الْجنَّة أَصْوَاتهم إِلَّا اشتاقَ إِلَى النظرِ إِلَيْهِم فيمرونَ بِأَهْل الْجنان فِي جنانِهم فَيَقُولُونَ من هَؤُلَاءِ الَّذين مروا بِنَا قد ازدادت جناتنا حسنا عَلَى حسنها ونورا على نورها فَيَقُولُونَ هَذَا مُحَمَّد وَأمته يزورون ربَّ العزَّة، فَيَقُولُونَ لَئِن كَانَ مُحَمَّد وَأمته بِهذه الْمنزلَة والكرامة ثُمَّ يعاينون وَجه رب الْعِزَّة فيا ليتنا كُنَّا من أمة مُحَمَّد فيسيرون حَتَّى ينْتَهوا إِلَى شَجَرَة يُقال لَهَا شَجَرَة طُوبَى وَهِي عَلَى شط نَهْر الْكَوْثَر وَهِي لِمحمدٍ لَيْسَ فِي الْجنَّة قصرٌ من قُصُور أمة مُحَمَّد إِلَّا وَفِيه غصنٌ من أغصانِ تِلْكَ الشَّجَرَة فينزلونَ تحتهَا فَيَقُول الرب عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيل أكس أهل الْجنَّة فيكسي أحدهم مائَة حلَّة لَو أنّها جعلت بَين أَصَابِعه لوسعتها من ثِيَاب الْجنَّة ثُمَّ يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيل عطر أهل الْجنَّة فيسعى الْولدَان بالطيب فيطيبون ثُمَّ يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيل فكه أهل الْجنَّة فيسعى الْولدَان بالفاكهةِ ثُمَّ يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ ارْفَعُوا الْحجب عني حَتَّى ينظر أوليائي إِلَى وَجْهي فَإِنَّهُم عبدوني ولَمْ يروني وعرفتني قُلُوبهم ولَمْ تنظر إليّ أَبْصَارهم فَتَقول الْمَلَائِكَة سُبْحَانَكَ نَحنُ ملائكتك ونحنُ حَملَة عرشك لم نعصك طرفَة عين لَا نستطيع النّظر إِلَى وَجهك فَكيف يَسْتَطِيع الآدميون ذَلِكَ فَيَقُول الله عَزَّ وَجَلَّ يَا ملائكتي إِنِّي طالما رأيتُ وُجُوههم معفرة فِي التُّرَاب لوجهي وطالما رَأَيْتهمْ صوامًا لوجهي فِي يَوْم شَدِيد الظمأ وطالما رَأَيْتهمْ يعْملُونَ الْأَعْمَال ابْتِغَاء رَحْمَتي ورجاء ثوابي، وطالما رَأَيْتهمْ يزوروني إِلَى بَيْتِي من كل فج عميق وطالما رَأَيْتهمْ وعيونَهم

<<  <  ج: ص:  >  >>