قبله هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ وتبعهم وَتكلم عَلَيْهِمَا فِي شرح الْهِدَايَة كلَاما حسنا وَهَذَا كَلَامه أَو مَعْنَاهُ
أما الْمَسْأَلَة الأولى فصورتها أَن يتيقين أَنه على طَهَارَة فِي وَقت وَزنه أَنه مُحدث فِي وَقت آخر وَلَا يتَيَقَّن ابتدائها فَإِنَّهُ يكون على خلاف حَاله قبلهمَا لِأَن الْحَالة السَّابِقَة زَالَت يَقِينا لمخالفتهما من الْحَالين الْمَشْكُوك فيهمَا وَأما الْمُوَافقَة لَهَا فَيحْتَمل أَن تكون هِيَ بِعَينهَا وَقد استمرت إِلَى أَن زَالَت بالمخالفة وَيحْتَمل أَنه بعد الْمُخَالفَة بِسَبَب متجدد فَحِينَئِذٍ لَا نزيل يَقِين الْحَالة الْمُخَالفَة بِأَمْر مَشْكُوك فِيهِ
مِثَاله إِذا قَالَ أتحقق أَنِّي بعد الزَّوَال مرّة مُحدثا وَمرَّة متطهرا وَلَا أعلم السَّابِق مِنْهُمَا إِلَى حَالَة قبل الزَّوَال فَإِن كَانَ متطهرا فَهُوَ الْآن مُحدث لِأَن تِلْكَ الطَّهَارَة المتيقنة قبل الزَّوَال زَالَت بِيَقِين الْحَدث بعد الزَّوَال وَأما الطَّهَارَة المتيقنة بعد الزَّوَال فَجَائِز أَن تكون هِيَ السَّابِقَة وَقد استمرت إِلَى مَا بعد الزَّوَال وَجَائِز أَن تكون طَهَارَة مستأنفة فَلَا نزيل يَقِين الْحَدث بِالشَّكِّ
وَإِن قَالَ كنت قبل الزَّوَال مُحدثا فَهُوَ الْآن متطهر لماسبق من الِاسْتِدْلَال
وَهَذَا كَمَا لَو علمنَا لزيد على عَمْرو ألف دِرْهَم فَأَقَامَ عَمْرو بَينه بِالْأَدَاءِ أَو الْإِبْرَاء فَأَقَامَ زيد بَيِّنَة أَن عمرا أقرّ لَهُ بِأَلف دِرْهَم مُطلقًا لم تثبت لَهُ هَذِه الْبَيِّنَة شَيْئا لاحْتِمَال أَن الْألف الَّذِي أقرّ بِهِ هُوَ الأف الَّذِي علمنَا وُجُوبه وَقَامَت الْبَيِّنَة ببراءته فَلَا تشتغل ذمَّته بِالِاحْتِمَالِ وَقَالَ الْأَزجيّ من أَصْحَابنَا الْمُتَأَخِّرين فِي كتاب النِّهَايَة لَهُ لَو قيل إِنَّه يجب عَلَيْهِ الطَّهَارَة لَكَانَ لَهُ وَجه لِأَن يَقِين الطَّهَارَة قد عَارضه يَقِين الْحَدث وَإِذا تَعَارضا سقطا وَوَجَب عَلَيْهِ الْوضُوء احْتِيَاطًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute