للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّرِيعَة فِي المذهبين إِذْ الْحُدُود الشَّرْعِيَّة فِي مثل هَذَا إِمَّا أَن تكون الْعِبَادَات الَّتِي تجوز فِي السّفر الطَّوِيل والقصير كالتطوع على الرَّاحِلَة وَالتَّيَمُّم وَالْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ على قَول فَلَا بُد أَن يكون مُنْفَصِلا عَن الْبَلَد بِمَا يعد الذّهاب إِلَيْهِ نوع سفر وَقد قَالَ طَائِفَة كَالْقَاضِي أبي يعلى إِنَّه يَكْفِي خَمْسُونَ خطْوَة وَإِمَّا أَن يكون الْحَد مَا تجب فِيهِ الْجُمُعَة وَهُوَ مَسَافَة فَرسَخ وَمَا سمع مِنْهُ النداء وَهَذَا أقرب الْحُدُود فَإِنَّهُ إِذا كَانَ دون فَرسَخ حَيْثُ يسمع النداء وَيجب عَلَيْهِ حُضُور الْجُمُعَة كَانَ من أهل الصَّلَاة فِي الْبَلَد فَلَا يعد غَائِبا عَنْهَا بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ فَوق ذَلِك فَإِنَّهُ بالغائب أشبه وَإِمَّا أَن يكون الْحَد مَا لَا يُمكن الذَّاهِب إِلَيْهِ الْعود فِي يَوْمه وَهَذَا يُنَاسب قَول من جعل الْغَائِب عَن الْبَلَد كالغائب عَن مجْلِس الحكم وإلحاق الصَّلَاة بِالصَّلَاةِ أولى من إِلْحَاق الصَّلَاة بالحكم

فَهَذِهِ هِيَ المآخذ الَّتِي تبنى عَلَيْهَا هَذِه الْمَسْأَلَة

وَإِطْلَاق كَلَامه فِي الْمُحَرر وَكَلَام غَيره يَقْتَضِي الصَّلَاة على كل غَائِب مُسلم وَفِيه نظر وَيُوَافِقهُ قَول صَاحب الْبَحْر من الشَّافِعِيَّة لَو صلى على الْأَمْوَات الَّذين مَاتُوا فِي يَوْمه وغسلوا فِي الْبَلَد الْفُلَانِيّ وَلَا يعرف عَددهمْ جَازَ

قَالَ الشَّيْخ مُحي الدّين النَّوَوِيّ لَا حَاجَة إِلَى التَّخْصِيص بِبَلَد يعرف بل لَو صلى على أموات الْمُسلمين فِي أقطار الأَرْض الَّذين مَاتُوا فِي يَوْمه مِمَّن يجوز الصَّلَاة عَلَيْهِم جَازَ وَكَانَ حسنا مستحسنا لِأَن الصَّلَاة على الْغَائِب صَحِيحَة عندنَا وَمَعْرِفَة بِلَاد الْمَوْتَى وأعدادهم لَيست شرطا

وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية مَا يَفْعَله بعض النَّاس أَنه كل لَيْلَة يصلى على جَمِيع من مَاتَ من الْمُسلمين فَلَا ريب أَنه بِدعَة لم يَفْعَله أحد من السّلف

قَوْله جَانِبي الْبَلَد قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ من الشَّافِعِيَّة والحنابلة قيد محققوهم الْبَلَد بالكبير وَمِنْهُم من أطلق وَلم يُقيد

<<  <  ج: ص:  >  >>