قَالَ القَاضِي أما دَعْوَى جهالته فلاتتم إِذا كَانَت مَعْلُومَة عِنْد الله تَعَالَى كمن وكل رجلا فِي أَن يهدي شَيْئا من مَاله لَا يعرفهُ الْمهْدي ويعرفه الْوَكِيل صَحَّ
وَهل يسْتَحبّ إهداء الْقرب أم لَا قَالَ القَاضِي فَإِن قيل فَإِذا كَانَ الثَّوَاب يصل وَالْإِحْسَان مَنْدُوب إِلَيْهِ فَلم كره أَحْمد أَن يخرج من الصَّفّ الأول ليؤثر أَبَاهُ بِهِ وَهِي فَضِيلَة آثر أَبَاهُ بهَا وَقد نقل أَبُو الْفرج بن الصَّباح البرزاطي قَالَ قلت لِأَحْمَد يخرج الرجل من الصَّفّ الأول وَيقدم أَبَاهُ فِي مَوْضِعه فَقَالَ مَا يُعجبنِي هُوَ يقدر أَن يبر أَبَاهُ بِغَيْر هَذَا
قيل وَقد نقل عَن أَحْمد مَا يدل على نفي الْكَرَاهَة فَقَالَ أَبُو بكر بن حَمَّاد الْمقري إِن الرجل يَأْمُرهُ وَالِده بِأَن يُؤَخر الصَّلَاة ليُصَلِّي بِهِ قَالَ يؤخرها فقد أمره بِطَاعَة أَبِيه بِتَأْخِير الصَّلَاة وَترك فَضِيلَة أول الْوَقْت
الْوَجْه فِيهِ أَنه قد ندب إِلَى طَاعَة أَبِيه فِي ترك صَوْم النَّفْل وَصلَاته وَإِن كَانَ ذَلِك قربَة وَطَاعَة وَقد قَالَ فِي رِوَايَة هَارُون بن عبد الله فِي غُلَام يَصُوم إِذا نهياه
وَقَالَ الشَّيْخ وجيه الدّين أَبُو الْمَعَالِي بن المنجي فِي بحث الْمَسْأَلَة فَإِن قيل الإيثار بالفضائل وَالدّين غير جَائِز عنْدكُمْ كالإيثار بِالْقيامِ فِي الصَّفّ الأول ثمَّ ذكر نَحْو كَلَام القَاضِي
وَهَذَا مِنْهُمَا تَسْوِيَة بَين نقل الثَّوَاب بعد ثُبُوته واستحقاقه وَبَين نقل سَبَب الثَّوَاب قبل فعله وَلَا يَخْلُو من نظر