فقد اعتبروا هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَسْأَلَة السّلم وَفِي مَسْأَلَة السّلم خلاف فَالْقَوْل بِهِ هُنَا أولى لِأَن مثل مَسْأَلَة يجوز فِي بيع الْأَعْيَان قولا وَاحِدًا ومسألتنا من بُيُوع الْأَعْيَان فَالْقَوْل بِجَوَاز مَسْأَلَة السّلم أولى أَن يُقَال بِهِ هُنَا
وَقد قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه بِصِحَّة مثله فِي السّلم وَوجه الْبطلَان جَهَالَة الثّمن كَمَا لَو بَاعَ ألفا بَعْضهَا ذَهَبا وَبَعضهَا فضَّة وَفِيه نظر
وَقَوله أَو بِدِينَار إِلَّا درهما
قَالَ حَرْب سَأَلت الإِمَام أَحْمد قلت الرجل يَقُول أبيعك هَذَا بِدِينَار إِلَّا درهما قَالَ لَا يجوز وَلَكِن بِدِينَار إِلَّا قيراطا وَنَحْو ذَلِك لِأَن الِاسْتِثْنَاء يكون فِي شَيْء يعرف وَالدِّرْهَم لَيْسَ يعرف كم هُوَ من الدِّينَار وَيجوز أَن يَقُول أبيعك بِدِينَار وَدِرْهَم
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قد يُؤْخَذ من هَذَا جَوَاز الِاسْتِثْنَاء فِي الْإِقْرَار وَنَحْوه لِأَنَّهُ علل بالجهالة وَذَلِكَ لَا يضر فِي الْإِقْرَار وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ الِاسْتِثْنَاء بَاطِلا لصَحَّ بالدينار ولغا قَوْله إِلَّا درهما على قَول من يبطل هَذَا الِاسْتِثْنَاء انْتهى كَلَامه
وَوجه الْبطلَان أَنه قصد اسْتثِْنَاء قيمَة الدِّينَار وَهِي غير مَعْلُومَة واستثناء الْمَجْهُول من الْمَعْلُوم يصيره مَجْهُولا كَمَا لَو قَالَ بِمِائَة إِلَّا قَفِيزا وَقيل يَصح لِأَنَّهُ أمكن تَصْحِيح كَلَام الْمُكَلف بِتَقْدِير قيمَة الدِّينَار وَالذَّهَب وَالْفِضَّة كالجنس الْوَاحِد بِخِلَاف غَيرهمَا
وَقَالَ ابْن عقيل فَإِن قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْب بِعشْرَة دَنَانِير إِلَّا قَفِيزا من الْحِنْطَة فَهَذَا اسْتثِْنَاء لَا يَصح فَيحْتَمل أَن يَصح البيع لِأَن الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس فِيمَا عدا الذَّهَب وَالْفِضَّة مُنْقَطع عَن الْجُمْلَة الْمُسْتَثْنى مِنْهَا فَيلْغُو وَيكون الثّمن مَعْلُوم أَلا ترى أَنه فِي الْإِقْرَار لَو اسْتثْنى دَرَاهِم من دَنَانِير أَو دَنَانِير من دَرَاهِم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute