فَإِذا قيل شَهَادَة الْعَدو غير مَقْبُولَة فَإِنَّمَا هُوَ من عادى أما الْمَقْطُوع عَلَيْهِ الطَّرِيق إِذا شهد على قاطعه فَهَذَا لَا معنى لَهُ إِذْ يُوجب أَن لَا يشْهد مظلوم على ظالمه مَعَ أَنه لم يصدر مِنْهُ مَا يُوجب التُّهْمَة فِي حَقه
وَالتَّحْقِيق أَن الْعَدَاوَة الْمُحرمَة تمنع قبُول الشَّهَادَة وَإِن لم تكن فسقا لكَونهَا صَغِيرَة أَو صَاحبهَا متأولا مخطئا وَفِيه نظر كعداوة الْبَاغِي للعادل وكما كَانَ بَين بعض السّلف وَكَذَلِكَ مداعاة القَاضِي كَذَلِك وَقد كتبته قبل فَأَما الْمُبَاحَة فَفِيهِ نظر انْتهى كَلَامه
وَقَالَ أَيْضا الْوَاجِب فِي الْعَدو وَالصديق وَنَحْوهمَا أَنه إِن علم مِنْهُمَا الْعَدَالَة الْحَقِيقِيَّة قبلت شَهَادَتهمَا وَأما إِن كَانَت عدالتهما ظَاهِرَة مَعَ إِمْكَان أَن يكون الْبَاطِن بِخِلَافِهَا لم تقبل وَيتَوَجَّهُ مثل هَذَا فِي الْأَب وَسَائِر هَؤُلَاءِ انْتهى كَلَامه
وَذكر فِي الْمُسْتَوْعب وَالرِّعَايَة وَغَيرهمَا أَن شَهَادَة الْعَدو لَا تقبل على عدوه وَجعلُوا من ذَلِك الْخصم على خَصمه وَقيد جمَاعَة الْعَدَاوَة بِكَوْنِهَا لغير الله
قَالَ فِي المغنى المُرَاد بالعداوة هُنَا الْعَدَاوَة الدُّنْيَوِيَّة وَمثل كَمَا فِي الْمُحَرر وَغَيره أما الْعَدَاوَة فِي الدّين كَالْمُسلمِ يشْهد على الْكَافِر أَو المحق من أهل السّنة يشْهد على المبتدع فَلَا ترد شَهَادَته لِأَن الْعَدَاوَة فِي الدّين وَالدّين يمنعهُ من ارْتِكَاب مَحْظُور فِي دينه وَزَاد فِي الرِّعَايَة على قيد كَونهَا لغير الله ظَاهِرَة
وَقد قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيره فِي قَوْله تَعَالَى ٤ ١٣٥ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله وَلَو على أَنفسكُم} الْآيَة فِي هَذَا دَلِيل على نُفُوذ حكم الْعَدو على عدوه فِي الله ونفوذ شَهَادَته عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أمره بِالْعَدْلِ