قَوْله وَإِذا أقرّ الْوَارِث لرجل بدين يسْتَغْرق التَّرِكَة ثمَّ أقرّ بِمثلِهِ لآخر فِي مجْلِس ثَان لم يُشَارك الثَّانِي الأول
قطع بِهِ الْأَصْحَاب رَحِمهم الله تَعَالَى وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين يشبه إِذا أقرّ فِي مَرضه مرَّتَيْنِ أَو أقرّ فِي صِحَّته ثمَّ فِي مَرضه من وَجه انْتهى كَلَامه
وَقَالَ الشَّافِعِي يقبل إِقْرَاره الثَّانِي فيتشاركان لِأَن من قبل إِقْرَاره أَولا قيل ثَانِيًا إِذا لم يتَغَيَّر حَاله كالموروث
وَوجه قَوْلنَا أَن الأول تعلق حَقه بِالتَّرِكَةِ فَلَا يقبل إِقْرَار غَيره بِمَا يسْقط حَقه كإقرار الرَّاهِن بِجِنَايَة الرَّهْن أَو الْجَانِي فَأَما الْمَوْرُوث فَإِن أقرّ فِي صِحَّته صَحَّ لعدم تعلق الدّين بِمَالِه وَإِن أقرّ فِي مَرضه لم يحاص الْمقر لَهُ غُرَمَاء الصِّحَّة لذَلِك قَالَ فِي المغنى
وَهَذَا يدل على استوائهما فِي الحكم لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنى وَأَنه إِذا قيل بالمحاصة قيل بالمشاركة هُنَا لعدم الْفَارِق فَيكون لنا قَولَانِ كَقَوْل الشَّافِعِي
قَالَ فِي المغنى وَأَن أقرّ يَعْنِي الْمَوْرُوث فِي مَرضه لغريم يسْتَغْرق تركته دينه ثمَّ أقرّ لآخر فِي مجْلِس آخر وَالْفرق بَينهمَا أَن إِقْرَاره الأول لم يمنعهُ من التَّصَرُّف فِي مَاله وَلَا أَن يعلق بِهِ دينا آخر بِأَن يستدين دينا آخر بِفِعْلِهِ فَلَا يملكهُ بقوله وَلَا يملك التَّصَرُّف فِي التَّرِكَة مَا لم يلْتَزم قَضَاء الدّين انْتهى كَلَامه وَلَعَلَّ الْفرق من هَذِه الْجِهَة فِيهِ نظر فَتَأَمّله